www.ataleb.net
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
avatar
ataleb
Admin
عدد المساهمات : 2910
تاريخ التسجيل : 08/02/2014
https://achamel.ahladalil.com

درس الشخص. Empty درس الشخص.

الثلاثاء أبريل 15, 2014 12:50 pm
الشخص



مقدمة



یعتبر الشخص حاصل جمع السمات الممیزة للفرد الذي ما ھو إلا كیان سوسیو-سیكولوجي متشابھ

مع الآخرین.ورغم تعدد وتنوع بل وتعارض الحالات النفسیة التي یمر منھا الشخص طیلة حیاتھ إلا

أن كل واحد منا یحیل باستمرار إلى نفسھبضمیر "أنا" بوصفھ ھویة تظل مطابقة لذاتھا على

الدوام. غیر أن ھذه الھویةالتي تبدو بدیھیة تطرح مع ذلك أسئلة عدیدة.

ھل تقوم ھویة الشخص على الوحدة والتطابق أم على التعدد والتغیر؟

المحور الأول: الشخص والھویة.

یبدو واضحا أن تحدید ھویة الشخص استنادا على المظھر الخارجي للشخص أو حتى على مجموع

ممیزاتھ سواء المتعلقة بالجنس والعمر والعمل ...ضربا من ضروب المستحیل لكون كل ھذه

الاعتبارات متغیرة وبالتالي غیر قارة وثابة.

ولھذا السبب كانت ضرورة مقاربة ھذه الھویة من خلال ما ھو قار وثابت في الشخص باعتباره

نظاما.

حسب لاشولیي المحدد الرئیسي للشخص ھو ھویتھ،أي تطابقھ مع ذاتھ وبالتالي تمیزه عن غیره.

أما وحدتھ النفسیة عبر جل مراحل حیاتھ فھي الضامن لھذه الھویة،لأنھما لیستا نتاجا تلقائیا،بقدر

ما أنھما نتاج لآلیات ربط وھي آلیات نفسیة تقوم بمھمة السھر على وحدة الشخص وتطابقھ.أولھا

وحدة الطبع أو السمة العامة للشخصیة في مواقفھا وردود فعلھا تجاه الآخرین.وعلى ھذا النحو یرى

لاشولیي أن كل من وحدة الطبع أو السمة العامة للشخصیة ھي ضمان ھویتھا إلى جانب الذاكرة

التي اعتبرھا آلیة ضروریة لربط حاضر الشخص بماضیھ القریب أو البعید.

أما دیكارت فیذھب إلى تأكید أھمیة الفكر في بناء الشخصیة وفھم حقیقتھا، فالفكر صفة تخص

الذات الإنسانیة وھي وحدھا لصیقة بھا. والتفكیر ھو الشرطالضروري للوجود.

إذن أساس ھویة الشخص ھو التفكیر الذي یعتبر مناسبة لحضور الذات أمامنفسھا وإدراكھا إدراكا

مباشرا لكل ما یصدر عنھا من أفعال والتي تبقى رغم تعددھا واحدة وثابتة.

لكن جون لوك یعطي تعریفا للشخص باعتباره ذلك الكائن المفكر والعاقل القادر على التعقل والتأمل

حیثما كان وأنى كان ومھما تغیرت الظروف، وذلك عن طریق الشعور الذي یكون لدیھ عن أفعالھ

الخاصة وبشكل مستمر دون حدوث أي تغیر في جوھر الذات، فاقتران الشعور بالفكر على نحو

دائم ھو ما یكسب الشخص ھویتھ ویجعلھ یبقى دائما ھو ھو، باعتباره كائنا عاقلا یتذكرأفعالھ

وأفكاره التي صدرت عنھ في الماضي وھو نفسھ الذي یدركھا في الحاضر .

إن مفھوم الشخص حسب جون لوك یتخذ عنده بعدا أخلاقیا /قانونیا، فالشخص الذي یتحدث

عنھ لوك ھو ذاك الكائن المفكر الذي یعقل ذاتھ وأفعالھ مھما تغیرت الظروف وتوالت الأزمان،

وبالتالي یكون عن طریق الوعي مسؤولا مسؤولیة قانونیة عن كل ما یصدر عنھ من أفعال. من ھنا

فأساس ھویة الشخص حسب جون لوك ھو الشعور الذي یجعل الإنسان یدرك ذاتھ ویبني معرفتھ

بذاتھ على نحو دائم فیصبح الشخص إثرھا ھو ھو رغم ما یلحقھ من تغیر .والذاكرة التي ھي امتداد

للشعور عبر.

المحور الثاني:الشخص بوصفھ قیمة.

لا یختلف اثنان عن أن الإنسان كائن ممیز بین كل الكائنات الأخرى ،فھو الكائن الأكثر جدلا كما جاء

في القرآن الكریم(ولقد صرفنا في ھذا الكتاب من كل شيء وكان الإنسان أكثر شيء جدلا) ومیزتھ

تكمن في مدى بعده القیمي الذي حظي بھ. لكن أین تكمن قیمتھ؟ھل تكمن في كونھ غایة أم أنھ لا

یعدو یكون مجرد وسیلة؟

في ھذا الصدد یختزل مونییھ تصوره للشخص ككیان یتمیز بالإرادة والوعي والتجاوز بخلاف

الأشیاء الخارجیة أو الموضوعات التي ھي كائنات متطابقة كلیا مع ذاتھا.وھو یكتسب باستمرار

سمات شخصیتھ ویغنیھا عبر عملیة التشخصن.فالشخص لیس معطى نھائیا ناجزا بل ھو عملیة

اكتساب ومراكمة مستمرة لسماتھ الخاصة.

یذھب كانط إلى تأكید أھمیة الشخص كذات لعقل أخلاقي عملي، یعامل الآخرین لا كوسائل یحقق من

ورائھا أغراضھ الخاصة، وإنما كغایات بذاتھا. فالإنسان یتمیز داخل نظام الطبیعة عن باقي

الكائنات الأخرى بامتلاكھ لملكة الفھم، وقد استطاع أن یرسم لذاتھ غایات وأھدافا مشروطة بنداء

الواجب الأخلاقي .فیمكنھ أن یتخذ من الأشیاء وسائل یستخدمھا لتحقیق أغراضھ لكن لیس من حقھ

أن یعامل الأشخاص كوسائل ذاتیة نفعیة، لأن الإنسان أوالذات البشریة ھي غایة في ذاتھا ولیست

وسیلة لتحقیق أغراض الآخرین، وھذا ما یمنحھ قیمة داخلیة مطلقة ویكسبھ احتراما لذاتھ ویمتلك

بذلك كرامتھ الإنسانیة.

أما ھیجل فیكشف عن القیمة الأخلاقیة للشخص التي لا یمكنھا أن تتحقق إلا داخل حیاة المجموع،

فكل شخص حسب ھیجل وانطلاقا من المكانة التي یحتلھ اداخل الجماعة التي ینتمي إلیھا علیھ

الالتزام بواجباتھ والقیام بدوره والمھام التيأسندت لھ ... إنھا دعوة للانفتاح على الواقع والآخرین

من خلال علاقة جدلیة أساسھا التأثیر والتأثر ومعیارھا یكمن في السلوك الأخلاقي الذي یصدر عن

كل شخص امتثالا للواجب الأخلاقي.

فالشخص یكتسب قیمتھ الأخلاقیة حسب ھیجل عندما یعي ذاتھ وحریتھ وینفتح على الواقع الذي

ینتمي إلیھ بالدخول مع الجماعة في علاقة تعاون متبادلة امتثالا للواجب.

المحور الثالث: الشخص بین الضرورة والحریة.

إذا كانت قیمة الشخص تكمن في بعده العملي الأخلاقي أكثر من أي شيء آخر، فھل یعتبر الشخص

كیانا حرا مستقلا عن أي إلزام أو إكراه، أم أنھ خاضع لضرورات وحتمیات لا سبیل لدیھ للانفلات

من رقابتھا؟

یرى دیدرو أن الشخص لا یملك الحریة،وأن ھذه الأخیرة لا معنى لھا لأن الموجھ الفعلي لأعمالنا

ھي الأسباب الفیزیائیة الخارجة عن ذواتنا التي ترغمنا للضرورة ولیست الحریة.وعلى ھذا النحو

تكون أفعالنا نتاجا لعاداتنا الأمر الذي یجعلنا نخلط بین الإرادة والحریة.فلیست الحریة ما یمیز بین

الناس،بل إن ما یمیز بینھم ھو الإحسان أو الإساءة،وھما طبعان لا یمكن تغییرھما لدى الإنسان.

ویذھب سبینوزا إلى اعتبار أن ما یمیز الشخص عن باقي الكائنات الأخرى،ھو سعیھ للحفاظ على

بقائھ واستمراره،وھو سعي یتأسس على الإرادة الحرة.ولیست الحریة ھنا بمعنى الجواز،بل إنھا

تقترن بالفضیلة والكمال،ولیس بالعجز أو الضعف،وفق ما تقتضیھ قوانین الطبیعة الإنسانیة من

قدرة على استخدام العقل للتمییز بین الخیر والشر،وتفضیل الأول على الثاني.

أما سارتر فینطلق من تقریر أن ماھیة الإنسان لا تتحدد قبل وجوده، بلیوجد أولا ثم بعد ذلك

یصنع بنفسھ ما یشاء، فالإنسان في نظره مشروع یتمیز بالتعالي على وضعیتھ لا بانغلاقھ على

كینونتھ، بل ینفتح على العالم وعلى الآخرین.فان ذل ھذا فإنما یذل عن مدى قدرتھ على موضعة ذاتھ

في المستقبل.

فماھیة الإنسان لاتتحدد حسب سارتر إلا من خلال وجوده وحیاتھ وأفعالھ واختیاراتھ وعلاقاتھ، یوجد

أولا ویلاقي ذاتھ وھو غیر حامل لأیة صفات أو ماھیة قبلیة. إنھ شخص حر ومسؤول عن أفعالھ

واختیاراتھ، فھو حر حریة مطلقة غیر مقیدة بموانع وإكراھات.

خاتمة:

وكتخریج عام یلاحظ أن التصورات الحدیثة ركزت على اعتبار الشخص ذاتا مستقلة،ومتمیزة،ینظر

إلیھا كغایة في ذاتھا وكحریة،ولیس كبضاعة أو وسیلة وذلك في مقابل التصورات التشییئیة

للشخص التي كانت انعكاسا لمخلفات الرأسمالیة الامبریالیة .

-------------------------------------------

تقدیم اخر:

یتحدد الشخص في السیاق الفلسفي باعتباره الفرد الذي تنسب لھ مسؤولیة أفعالھ

الصادرة عنھ، كما أنھ یأخذ قیمة خاصة عندما ینظر الیھ كذات واعیة و حرة و مسؤولة ذات

كرامة، نعني ذاتھا و قیمتھا الأخلاقیة، من ھنا نطرح السؤال التالي :

كیف تتحدد قیمة الشخص، ھل باعتباره ذاتا أخلاقیة في تعاملھ مع الآخرین؟ أم

أنھ ذات معزولة و متعارضة معھم؟.

تصور كانط : العقل أساس قیمة الشخص و كرامته.

ذھب كانط في تصوره لقیمة الشخص إلى القول أن الإنسان ھو أكثر من مجرد طبیعي،

إنھ ذات لعقل عملي أخلاقي یستمد منھ كرامتھ، أي قیمة داخلیة مطلقة تتجاوز كل تقویم أو

سعر، وما دام ھذا العقل ومقتضیاتھ كونیا، فإن الإنسانیة جمعاء تحمل داخل كل فرد مما

یستوجب احترامھ و معاملتھ كغایة لا كوسیلة، و النظر إلیھ كما لو كان عینة تختزل الإنسانیة

جمعاء. و ھذا الإحترام الواجب لھ من طرف الغیر لا ینفصل عن ذلك الاحترام الذي یجب

للإنسان تجاه نفسھ، إذ لا ینبغي لھ أن یتخلى عن كرامتھ، بل یجب علیھ دائما أن یحافظ على

الوعي بالخاصیة السامیة لتكوینھ الأخلاقي الذي یدخل ضمن مفھوم الفضیلة.

و على ھذا الأساس، فمھمة الإنسان لا تكمن في تقبل الحالة الواقعة، وانما في

تجاوز الواقع، فالعقل ینبغي أن یتحكم في الواقع و یحكمھ، فھو لا یخضع بقدر ما أنھ یخضع.

كما أن ھناك رباطا أساسیا بین العقل و الحریة، لكن الحریة ھنا لیست رفض كل ضرورة و

إلزام، إنھا خضوع للقانون، أي القانون الداخلي للعقل. وفي مجال ھذا القانون الأخلاقي یكون

الإنسان قانون نفسھ، إنھ مجال الأوطونومیا الذي یرفض خضوع العقل لما كان یعتبر أوثانث

تحده و تحد من حریتھ. صحیح أن ھناك میادین یعمل فیھا العقل بكل حریة مثل العلوم و

الصنائع، و لكن ھناك مجالات أخرى لا یكون فیھا إعمال الفكر حرا، لذا یقوم كانط ضد ھذه

المجالات، و سیرفض لأخلاقھ أن تؤسس على الدین أو أن تكون خضوعا لأوامر خارجیة.

ھكذا فإذا كان الإنسان یعامل نفسھ كغایة بالذات، فواضح أنھ لا یمكن الاقتصار

على اعتباره خاضعا للقانون، وإنما یجب أن یكون أیضا مانع القانون، و متى كان ھذا القانون

صادرا عن العقل، كان واحدا عند جمیع الموجودات العاقلة و كانت ھذه الموجودات بمثابة

عالم معقول، أي اتحاد منظم خاضع لقوانین مشتركة.

كتب كانط ھذه الأفكار في " أسس میتافزیقا الأخلاق" في القرن 18 ، و صحیح أن

القرن العشرین شھد تحسنا كبیرا للوضع البشري، لكن عرف في المقابل أزمات و كوارث

انسانیة خطیرة كالحروب و التطھیر العرقي، مما جعل التفكیر الفلسفي یعاود مجددا طرح

السؤال حول قیمة الكائن البشري بالشكل الذي أكدتھ بنود اتفاقیة حقوق الإنسان. إن ھذا

الوضع البشري المأساوي، جعل الفیلسوف الأمریكي طوم ریغان یؤكد أن التأسیس الكانطي

لقیمة الشخص غیر كاف، و حجتھ في ذلك أننا ملزمون باحترام القیمة المطلقة لكائنات

بشریة إیر عاقلة مثل الأطفال و المجانین و غیرھم. و علیھ فإن الخاصیة الحاسمة و

المشتركة بین الكائنات البشریة لیست ھي العقل، بل كونھم كائنات حاسة أیضا.

و لإبراز و توضیح ھذا التصور، یؤكد توم ریغان أن التصور الكانطي بالرغم من

أنھ عمیق و قیم فإنھ لا یخلو من تناقصات و مفارقات لخصھا في سؤال كبیر ھو :

- ماھي الكائنات البشریة التي تستحق صفة الشخص؟

یجیب ریغان بالقول أن البویضة المخصبة حدیثا و المرضى الذین دخلو حالة الغیبوبة

الدائمة یظلون بشرا، لكنھم لیسوا أشخاصا وفق التعریف الكانطي، و نفس الحكم ینسحب

أیضا على الرضع والأطفال حتى سن معینة، ھذا إضافة إلى كل الكائنات البشریة التي تفتقد

للقدرات الفكریة التي بموجبھا یعرف كانط الشخص البشري، إن كل ھؤلاء یفتقدون الحق في

الاحترام. ھكذا فالانسان لیس كائنا عاقلا فحسب، بل كائن حاس یستشعر حیاتھ أیضا.

تصور امانويل مونییي :

یؤكد المذھب الشخصاني الذي یتزعمھ ایمانویل مونییي أن للشخص قیمة مطلقة، فھو

صاحب المركز الأسمى في الكون. و تتمثل ھذه القیمة في خروج الشخص من ذاتھ و الانفتاح

على الآخرین، أي على المجتمع، وھنا لابد للشخص أن یتمتع بالحریة الداخلیة و الحریة

الخارجیة أیضا.

وعلى ھذا الأساس یعتبر مونییي الشخص قیمة و غایة في حد ذاتھ ولیس مجرد

موضوع خارجي أي شيء مادي، و تتحدد ھذه القیمة في مایلي :

أولا : أن الشخص لا یمكن أبدا أن یعتبر وسیلة بالنسبة لشخص آخر أو مجموعة

أخرى.

ثانیا : یكون القانون الإجتماعي ظالما عندما یعتبر الأشخاص مواضیع قابلة للتبادل

أو التجنید و ممارسة الإكراھات و العنف ضدھم.

ثالثا : لیست مھمة المجتمع باعتباره نظاما شرعیا و قانونیا و اجتماعیا و

اقتصادیا، لا أن یخضع الأشخاص ولا أن یضطلع بتطویر نزعاتھم، و لكن ان یضمن لھم

الحمایة و الأمن و أوقات الفراغ و اللعب و مساعدتھم على بلوغ الحریة من خلال تربیة تأخذ

بعین الاعتبار الشخص كغایة في حد ذاتھ.

تصور ھیجل :

یرى التصور الھیجیلي أن القیمة الأخلاقیة للشخص لا یمكنھا أن تتحقق إلا داخل

حیاة المجموع، فكل شخص حسب ھیجل، وانطلاقا من المكانة التي یحتلھا داخل الجماعة التي

ینتمي الیھا، علیھ الإلتزام بواجباتھ و القیام بدوره و المھام التي اسندت الیھ، انھا دعوة

للإنفتاح على الآخرین و على الواقع من خلال علاقة جدلیة أساسھا التأثیر و التأثر، و معیارھا

یكمن في السلوك الأخلاقي الذي یصدر عن شخص امتثالا للواجب الأخلاقي.

فالشخص حینما ینخرط في روح شعبھ، یصبح مشاركا و مساھما و منخرطا في

الروح العامة لشعبھ التي تظھر في حضارتھ بكل قیمھا و فنونھا و مؤسستھا، وھذا یكتسب

وجود الشخص كونیة شعبھ.

ھكذا، لا یكتسب الأفراد أي قیمة الا حینما یمتثلون لروح شعوبھم و یختصون

بمھمة داخل حیاة المجموع، وتكون ھذه المھمة قائمة على اختیار حر الفرد.

ومن جھة أخرى، یرى ھیجل أن إضفاء صنعة كونیة على الفرد یتم من خلال التربیة

التي تعلمھ ما یصلح أخلاقیا للجمیع، و تربیھ على الغایات العامة للمجتمع كالخیر والحق

والواجب.

تصور راولز :

تقوم نظریة العدالة عند راولز على فكرة مفادھا أن الإنسان كائن اجتماعي

بطبعھ، قادر على المشاركة في الحیاة الاجتماعیة و لعب دور معین فیھا. فقیمة الشخص تكمن

في كونھ مواطنا، و جمیع الأشخاص ھم مواطنون أحرارا وأندادا، بفضل كفاءاتھم العقلیة و

الأخلاقیة.

وفي ھذا الإطار، ینتقد راولز في كتابھ نظریة العدالة تصور النفعیین الذین لا

یھتمون بالحریات الأصلیة للأفراد، و یؤكد أن ھذه الحریات لا یمكن بیعھا و شراؤھا، ولا

یمكن التضحیة بھا إذا تعارضت مع النفع العام. و ھنا لابد للنظام الاجتماعي مراعاة الحقوق

العامة للأفراد، و یذكر منھا حق التعبیر و حق العمل و حق الإجتماع و حق الملكیة و حق

الحمایة من الأعتقال و السجن التعسفیین.

و من جھة أخرى، یؤكد أن العدالة الإجتماعیة تقتضي توزیع الخیرات على جمیع

المواطنین بشكل عادل، على أساس أن جمیع ھذه الخیرات ملك لجمیع الأفراد، و جمیع الأفراد

ساھموا في حصول ھذه الخیرات.

ھكذا تعتبر الخیرات كلھا غیر موروثة، فھي مكتسبة و قابلة للتداول، ذلك أن

المجتمع العادل یضمن لكل من ینتمي إلیھ حریات مدنیة لا یمكن المساس بھا، و تضمن لھ أن

یبلغ ما یشاء من الدرجات.

موقف غوسدورف :

یرى جورج غوسدورف أن معرفة الذات لا تحقق بمجرد النظر إلى أنفسنا و التأمل

فیھا، إنھا لا تتحقق إلا بواسطة العالم وفي العالم، لذلك نجده یقیم تقابلا بین الفرد باعتباره

یعني ذاتھ و الشخص الذي یكتمل مع الآخر و یكتسب قیمتھ داخل الجماعة.

فالكمال الشخصي حسب غوسدورف لا یتحدد في مجال الوجود الفردي المستقل، بل

یتحقق في مجال التعایش و داخل المجموعة البشریة، و انفتاح الذات الفردیة على الكون و

تقبل الآخر.

المحور الثالث- الشخص بین الدرورة و الحریة

الطرح الإشكالي للمحور

یمكن أن یتعرض وجود الشخص في علاقتھ بالجماعة أوبالأخرین إلى نوع من

الإستلاب أو التشيء بسبب الضرورة التي یفرضھا المجتمع على أفراد فالفرد یبدو

سجین منضومھ من القیم والعلاقة التي تحد من أفاقھ وتطلعاتھ الشخصیة .

إذن، و امام ھذا الوضع یمكننا الإفصاح عن الطبیعة الإشكلیة لھذا المفھوم كالتالي:

ھل الشخص ذات حرة فیما یصدر منھ من أفعال أم أن ھناك حتمیات تنقى حریتھ مشروطة

بھا ؟

بعبارة أخرى : ھل یعني أنھ لا مكان للحریة في حیاة الشخص ؟أم أن حریة الشخص ھي

حریة في حدود الذي یختاره؟

* موقف سبینوزا :

-ینتقد سبینوزا التصور العامي الذي یعتبر الانسان حرا في اختیاراتھ،فاعلا وفق مشیئتھ

،و یتولد ھذا الوھم الشائع عن وعي الناس بأفعالھم و رغباتھم وجھلھم بالاسباب الالحقیقیة

المحددة لأفعالھم.

وكما یقول " فإن الناس یعوون حقا رغباتھم لكنھم یجھلون العلل الخفیة التي تدفعھم إلى

الرغبة في ھذا الموضوع أو ذاك ...." ومن ھذا المنطلق ینتقد كل حریة إنسانیة خارج عما

ھو طبیعي .

موقف سیجموند فروید

ویبدوا أن العلوم النسانیة المعاصرة تقدم دلائل إضافیة داعمة للتصور الحتمي السنینوزي

فالتحلیل النفسي الذي یعتبر سیجمون فروید رائھ الأول یرى البناء النفسي للشخصیة

كنتیجة حتمیة لخبرات مرحلت الطفولة .كما أن كثیر

من الأنشطة الإنسانیة تحركھا دوافع الھو الاشعوري ذات الطبعة الجنسیة ویقوم

ھذا التصور على مجموعة من الاسس و المبادئ، یمكن تركزھا في:

-إعتبار السنوات الاولى من حیات الفرد الإنساني فیما یتعلق بنموه الوجداني لاحق

وبتالي في تكوني شخصیتھ .

- إفتراض وجود قوة تتحكم في معظم سلوكات الفرد، وھي قوة الاشعور ودالك من

خلال ماتمارسھ الغرائز والنزوات المكبوتة التي یزج بھا في غیاب الا شعورمن ضغوط

ودینامیكیة سعي منھا الى الإرتواء والإشباع .

-الطابع الجنسي لھذه الدوافع التي تحرك سلوكات الفرد والتي عبر عنھا فروید ب

البیدو........

-الھو ویمثل القوة الأصلیة ،ویرمز الى مجموع الرغابات والدوافع الطبیعیة

والمكبوتة التي تتحكم فیھا غریزة الحیاة ........وغریزة الموت ............

ھذا الھو الذي یعبر عنھ نیتشھ (( وراء أفكار وشعورك یختفي سید مجھول یریك

سبیل ،إسمھ الھو في جسمك یسكن، بل ھو جسمك، وصوابھ أصوب

من صواب حكمتك ))

إضاءة

أما بنسبة لعلماء الإجتماع والأنثربولوجي فإن طبقات مھمة في الشخصیة لاتعدو

أن تكون سوى إنعكاسات للشخصیة الأساسیة للمجتمع أو الشخصیة الوضیفیة

لجماعات الإنتماء.

بحیث یمكن القول معى دوركایم أنھ كلما تكلم الفرد أوحكم ،فالمجتمع ھو الذي

یتكلم أو یحكم من خلالھ . وإذا كانت التنشئة الاج تزود الفرد بعناصر من ثقافة

المجتمع ،فإن ھذه الثقافة بدورھا حسب التحلیل ماركسي لیست سوى إنعكاس

للبیئة الحتمیة المستقلة عن وعي الذوات ،لأن الوجود المادي ھو الذي یحدد الوعي

لاالعكس.

إنطلاقا مما سبق یمكن أن نستنتج من ھاد الموقف فكرة أساسیة مفادھا ھو

إختفاء الإنسان أو موتھ كما أعلنت البنیویة لأن البنیات النفسیة الإجتماعیة اللغویة

... ھي الت تتفعل ولیس الذات أو الفرد.

موقف مونیي

یرى مونیي لأن الشخص ھو منبع جمیع القیم، وھوى في الأصل حركة نحوى

الغیر ولا یحقق وجوده مع الأخرین إلا في إطار الفعل المتجدد .

في حریة الشخص في ذاتھ وھي مشروطة بالوضع الواقعي لھ ،وھي لاتتحدد إلا

عندما یتجھ الإنسان نحوى التحرر في إطار التشخص أي خروج بالذات من عزلتھا

وفردیتھا والإتجاه نحوى الشخص عبر الإنفتاح على الأخرین والتواصل معھم وتحمل

مصائرھم وألامھم بكل حریة.

إنھا إدن حریة منظمة ومطلوبة بنداء الإنسانیة في الحریة الحقة حسب مونیي

ھي الحریة الملتزمة ، لأنھا تحترم الغیر ومشروطة باحترام القیم و الوصع الواقعي

للإنسان ،إلا أن ھذا الوضع المشروط لا یعني الخضوع للضرورة .

موقف جان بول سارتر

تعتبر الفلسفة الوجودیة لدى سارتر فلسفة الدفاع عن حریة الإختیار المطلق

للإنسان مقابل النزعة الموضوعیة التي تبرز مشروطیة الحریة الإنسانیة بظروف

والمحددات الوراثیة والإجتماعیة والإقتصادیة واللغویة ...حیث یرى أن وجود الإنسان

یسبق ماھیتھ ،أي أن ماھیتھ لا تتحدد إلا من خلال وجودھا ،وحیاتھ وأفعالھ واختیارتھ

وعلاقاتھ الامتناھیة معنى ذالك أنھ یشكل ذاتھ وھویتھ في ضوء مایختاره لنفسھ

بوضعھ مشروعا .فلیس الإنسان كما یتصور ذاتھ فحسب، بل كما یرید أن یكون في

نظر الغیر لوصفھ شخصا ، ومن ھنا نفھم تصریح سارتر بأن الإنسان مشروع في

سماء الممكنات محكوم علیھ بان یكون حرا وبأن الإنسان لیس شیأ أخر غیر

مایصنع بنفسھ .
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى