www.ataleb.net
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
avatar
ataleb
Admin
عدد المساهمات : 2910
تاريخ التسجيل : 08/02/2014
https://achamel.ahladalil.com

درس الدولة Empty درس الدولة

الثلاثاء أبريل 15, 2014 1:13 am

الدولة
محاور الدرس
1) مشروعیة الدولة و غاياتھا.
2) طبیعة السلطة السیاسیة.
3) الدولة بین الحق و العنف.
تقدیم :
تعتبر الدولة أھم مؤسسة تسھر على تسییر المجتمع و تدبیر شؤونھ ؛وھي بذلك أشمل تنظیم
یعكس مجموعة أفراد المجتمع.ویتجلى ھذا التنظیم في عدد من المؤسسات الإداریة و القانونیة والسیاسیة و الإقتصادیة التي تتطابق مع متطلبات المجتمع. إن وجود
الدولة نابع من قصور المجتمع عن تسییر شؤونھ في غیاب ھذه المؤسسة التي تحفظ وجوده و تضمن
استمراریتھ.
لكن بالرغم من ھذه الأھمیة التي تشغلھا مسألة الدولة ؛یبقى سؤال ماھي الدولة غامضا. وھذا الغموض نابع من الأدوار المعقدة التي تلعبھا الدولة والتناقضات
الواضحة التي ترافقھا .وإذا كانت الغایة من وجود الدولة ھي تنظیم أمور المجتمع فھل یقف دورھا عند مسألة التنظیم؟ ھل یمكن الحدیث عن حیاد الدولة؟ ثم كیف یكون وجود
الدولة مشروعا.؟
یمكن معالجة ھذه الاشكالات من خلال المحاور التالیة :
|- المحور الأول : مشروعیة الدولة وغاياتھا
-1 غایة الدولة تحقیق السلم .( نص ھوبز)
لقد جعلت الطبیعة الناس أحرارا و متساویین ؛ غیر أن ھذا التساوي لا یتحقق مع حالة الطبیعة التي تقوم على اساس الحرب الدائمة والفوضى و الخوف ،وھذا ما یؤدي إلى
فناء الجنس البشري .ولذلك كان من الضروري ان یبحث الإنسان عما یساعده على تحقیق الأمن والإستقرار والسلام .لقد اعتبر ھوبز حالة الطبیعة حالة حروب و نزاعات
بین الأفراد وھي ما سماھا بحرب الكل ضد الكل ، لذلك كان لزاما وقف استشراء العنف والإنتقال بالتجمع البشري الى مجتمع الدولة المنظمة . والوسیلة الوحیدة لتحقیق ھذا
الإنتقال ھو التعاقد الإجتماعي الذي یضمن السلم والأمن بوجود حاكم یكون خارج ھذا العقد حیث یتنازل الأفراد برضاھم عن بعض حقوقھم الطبیعیة لفائدة الحاكم قصد تحقیق
المنفعة العامة . وھذا التوافق بین الشعب و الحاكم ادى الى نشوء الدولة . والحاكم في نظر ھوبز لا یمكن ان یاتي بتصرف یخالف المصلحة العامة لانھ بعید عن الوقوع في
الخطأ و بالتالي یفرض تصور ھوبز الخضوع التام لھذا الحاكم .
-2 غایة الدولة ھي الحریة.( نص اسبینوزا)
یشیر اسبینوزا في ھذا النص الى أن الغایة التي انشئت من أجلھا الدولة ھي حمایة حریة الأفراد و سلامتھم وفسح المجال أمام طاقاتھم و قدراتھم البدنیة و العقلیة
والروحیة .إن تحقیق ھذه الأھداف (الأمن،الحریة ...) یقتضي تنازل الفرد عن حقھ في أن یسلك كما یشاء .ومقابل ھذا التنازل یتمتع الأفراد بحریة كاملة في التعبیر عن آرائھم
و أفكارھم مع بقائھم متمتعین بھذا الحق مادام تفكیرھم قائما على مبادىء العقل واحترام الأخرین و ایضا ما دام الفرد لم یقم باي فعل من شانھ الحاق الضرر بالدولة.
-3 الدولة تجسید للعقل.(ھیغل).
ینطلق ھیجل من محاولة إبراز قصور التقلید الفلسفي السیاسي التعاقدي بجعل غایة الدولة تقف في حدود تحقیق الأمن والحریة والملكیة الخاصة .إن الدولة غایة في حد
ذاتھا , باعتبارھا نظاما أخلاقیا یكون في احترامھ احتراما للعقل باعتبار الدولة تجسدا للعقل، لذلك كان من الواجب الإنخراط في الدولة؛ فلا وجود لحریة الأفراد في غیاب
حریة الدولة فمنھا یستقي الأفراد حریتھم .
إن اقتصار دور الدولة على تحقیق غایات خارجیة (السلم ،الملكیة الخاصة،الحریة....) یجعل الإنتماء الى الدولة مسالة اختیاریة والحال أن علاقة الفرد بالدولة أوثق
واوطد.فمصیر الفرد ان یعیش في حیاة جماعیة كلیة . ھكذا تختفي النزعة الفردیة في التصور الھیجیلي للدولة والذي یجعل لھا سلطة مطلقة تسحق الفرد تحتھا كما أنھا ذات
سیادة وروح كلیتین.
ملحق: مشروعیة سلطة الدولة(نص ماكس فیبر)
یستعرض ماكس فیبر في بدایة الفصل الثاني من كتابھ"العالم والسیاسي"لنظریة في خصائص مشروعیة السلطة في المجتمعات ؛ حیث اعتبر ان الدولة ھي المعبر
الفعلي عن علاقات الھیمنة وذلك وفق نموذج سیاسي معین ؛ إذ تتنوع أشكال الممارسة السیاسیة بتنوع البعد التاریخي للمجتمعات .وفي ھذا الصدد یمكن النظر مع فیبر الى
تاریخ الدول /السلط /المشروعیات بماھي تعبیر عن السلطة كمؤسسة حاكمة وقائمة في التاریخ . واولى ھذه السلط ؛ تلك التي یمثلھا"الأمس الأزلي" من خلال الاحتكام إلى
العادات و التقالید .وھذا ما یبرر ذلك الاحترام و التقدیس الذي یحف تلك الأعراف السائدة في ھذا التحمع القبلي أو الاجتماعي ؛ حیث تبرز ھذه السلطة التقلیدیة في شخص
الأب الأكبر او السید . أما ثاني ھذه السلط؛ فتلك المبنیة على المزایا الشخصیة لفرد ما لكونھ یتمتع بكارزمیة تجید لفت الإنتباه إلیھ مادام یتمتع بقدرات خارقة تجعلھ ملھما
وبطلا في أعین من یحیطون بھ ؛ مما یكسبھ ھالة من الوقار والاحترام والثقة تجعل منھ زعیما لھذا التجمع البشري ..وھذا النوع من السلط ھو الذي مارسھ الانبیاء ؛ أو قائد
الحزب أو الدیماغوجي الكبیر .واخیرا تلك السلطة التي تفرض نفسھا في إطار فضیلة المشروعیة ؛ بمعنى تلك السلطة التي تؤمن بصلاحیة النظام السیاسي القائم من خلال
الایمان بمشروعھ وكفاءتھ واحتكامھ لقواعد عقلانیة ؛ او لانھا سلطة قائمة على مبدأ الخضوع والا متثال للواجبات و الإلزامات المطابقة لقوانین النظام القائم ؛ وھذه
السلطة ھي التي یمثلھا "خادم الدولة الحدیثة".
إن دوافع احتكام الناس إلى السلطة منبعھ خوف الناس من الممسكین بزمام السلطة؛ أو ذلك الأمل الذي یحیا في كل فرد بالجزاء الذي قد یحصل علیھ سواء دنیویا أو
في العالم الأخر . ویمكن القول أن تبریر مثل ھذه التمثلات یكتسي اھمیة كبرى بالنسبة لبنیة السیطرة ؛ بل ومن الأكید أن مصادفة مثل ھذه النماذج في الواقع یعد أمرا نادرا
جدا ؛ومع ذلك لم یعد الیوم ممكنا الحدیث باستعراض كل تفاصیل ھذه النماذج إلا بدمجھا في إطار النظریة العامة للدولة.
||-المحور الثاني: طبیعة السلطة السیاسیة.
-1 السیاسة بما ھي صراع(نص مكیافیللي)
تعتبر السلطة السیاسیة شكلا من أشكال التنظیمات التي تنظم حیاتنا الاجتماعیة والسیاسیة وذلك بوسائل وطرق مختلفة وطبائع متعددة، فلا یمكن تصور حیاة
اجتماعیة منظمة دون وجود سلطة سیاسیة وراءھا.و یعد مكیافلي من الأوائل الذین فكروا في إشكالیة السلطة وطبیعتھا داخل الدولة بعد أن تم استقلال الدولة الأوربیة عن
سلطة الكنیسة؛ وھو ما یصطلح علیھ بنموذج الدولة الحدیثة التي أصبحت ترتبط بشخص الأمیر وقدراتھ في استخدام كل الوسائل الممكنة المشروعة وغیر المشروعة ،
القانونیة والغیر القانونیة ،بتحقیق الوحدة و إرساء القوانین.
فما یذھب إلیھ مكیافلي في كتابھ الأمیر،كیف للأمیر أن یحكم ؟ وأن یحفظ حیاتھ وحیاة الناس معھ داخل الدولة ؟ فالدولة حسب مكیافلي غیر منفصلة عن الأمیر الذي
یحكمھا، فھما شيء واحد.
لھذا نجد مكیافلي یقدم مجموعة من النصائح للأمیر من أجل توطید سلطتھ السیاسیة وذلك عبر استغلال الفضائل الحمیدة والرذائل وتوظیف الوسائل المتاحة و لكن
شریطة ألا یفقد الأمیر حب شعبھ لھ لأنھ قد یحتاج ھذا الحب في وقت الشدائد،وھذا ما یجعل الأمیر یتعامل وسط الناس بحیطة و حذر حیث یرى مكیافلي أنھ على الأمیر أن
یكون ثعلبا وأسدا في نفس الوقت فكیف للحاكم ان یكون مثل ذلك؟
إن ھذا الاعتبار یعني أن ھناك طریقتین في ضبط الحكم ، الطریقة الأولى و كما یشیر إلیھا مكیافلي ھي الطریقة القانونیة والتي تعتمد أو تستند إلى ماھو قانوني. أما
الطریقة الثانیة فھي طریقة القوة و التي من خلالھا یستطیع الأمیر إرھاب وتخویف الأعداء، لھذا على الأمیر ان یعرف كیف یحكم ، وكیف یتصرف انطلاقا من ھاتین
الطریقتین؟ فأن یكون ثعلبا معناه ان یعرف كیف یحمي نفسھ من الوقوع في الفخاخ و أن یكون أسدا معناه أن یكون شدید القوة و الجھامة حتى یخیف الآخرین.
فممارسة السیاسة حسب ھذا الطرح تكون بحب الطبائع البشریة، فالأمیر یحكم بوفاء وإخلاص مع وجود الناس الأخیار، وطبعا لیس كل الناس مثل ذلك، فمنھم الأشرار
وھؤلاء یستوجب معھم نوعا من السلطة التي تحول دون ھذا الشر، فمن أراد أن یكون ثعلبا من اجل أن یخدع الناس قد یجابھ بخداع اكبر منھ ویسقط في فخ قد یكون وھو
الذي نصبھ بنفسھ.
فإلى أي حد یمكن القول معھ أن السیاسة ھي نتاج الصراع والقوة؟
-2 السیاسة بما ھي اعتدال(نص ابن خلدون)
إن ما ینطلق منھ ابن خلدون في تصوره لطبیعة السلطة السیاسیة قد یختلف تماما عن ما ذھب إلیھ مكیافلي في تصوره السالف الذكر، فما مضمون تصور ابن خلدون
للسلطة؟
في تحلیل ابن خلدون لمفھوم الدولة وكیف ینبغي للدولة ان تكون وما یجب ان تقوم علیھ العلاقة بین السلطان والرعایا،یذھب إلى انھ لا یمكن للرعیة ان تستغني عن
السلطان ولا للسلطان أن یستغني عن الرعیة، فالعلاقة جدلیة بینھما فالسلطان ھو من لھ رعیة، والرعیة ھي من لھا سلطان. وھذه العلاقة ھي نموذج السیاسة المثلى التي
تقوم على الاعتدال،وإذا كانت ھذه الملكة( الاعتدال) تقوم على الرفق والحكمة حصل المقصود بین السلطان ورعیتھ .أما إذا كان السلطان على بطش وعقاب فسدت ھذه الملكة
وحل الذل والمكر محل ھذا الرفق، فحسن الملكة بین السلطان ورعیتھ ھو التوسط و الاعتدال، بمعنى لا إفراط في الشجاعة والكرم حتى التھور وبالتالي الانحلال ، ولا إفراط في
الجبن و البلادة حتى الجمود. فھذا یتنافى و الصفات الإنسانیة حسب ابن خلدون؛ فالحاكم والسلطان ھو من یحكم رعایاه باعتدال و توسط ولیس الدخول معھ في صراع
وتحایل ومكر وخداع .
-3 فصل السلط و استقلالھا(نص مونتیسكیو)
یذھب مونتسكیو في كتابھ" روح القوانین" الى التمییز بین ثلاث وظائف أساسیة للدولة وھي : السلطة التشریعیة- السلطة التنفیذیة- السلطة القضائیة.فالأولى
متمثلة في البرلمان وھي التي تشرع القوانین داخل الحیاة في الدولة.أما الثانیة تتمثل في الحكومة والتي تكون بتنفیذ تلك القوانین , كما تعمل أیضا على توفیر شروط الأمن
للمواطنین.أما النوع الثالث فیتجلى دوره في تطبیق تلك القوانین وممارستھا و ھذا النوع الأخیر كما یقول مونتسكیو ھو الكفیل بضمان الأمن و الحریة. لھذا یذھب مونتسكیو
الى الفصل بین ھذه السلط الذي من أجلھ یتأتى جو الأمن والحریة والمساواة و أن تداخل ھذه السلط حسب مونتسكیو قد یؤدي إلى الجور والظلم وإھدار حقوق المواطنین
وسلب حریاتھم. ولذلك وجب استقلال كل من السلطة التشریعیة والسلطة القضائیة عن السلطة التنفیذیة بحیث لا یجوز لھذه الأخیرة أن تصدر أحكاما كما لا یجوز لھا أن
تعرقل الأحكام التي أصدرھا القضاء أو الحكومة.
ونفس الأمر بالنسبة للسلطة القضائیة بألا تتدخل في اختصاصات السلطة التنفیذیة وأیضا نفس الأمر بالنسبة للسلطة القضائیة مع السلطة التشریعیة بمعنى ألا یكون
المشرع قاضیا،فھذا قد یؤدي حسب مونتسكیو إلى تعذر قیام العدالة والمساواة والتي قد تضیع معھا كل القوانین والمراسیم من جھة ، ثم الأحكام –التي ھي من اختصاص
القضاء –من جھة ثانیة. بھذا وجب أن یستقل القضاء عن السلطة التشریعیة حتى نتجنب الظلم و الطغیان كما یوضح مونتسكیو.وھذا لا یعني الانفصال المطلق والتام بین ھذه
السلط كما یدعو مونتسكیو، بل إن ھناك في الحقیقة تعاون وتعاضد فیما بینھا.فكل واحدة من ھذه السلط تكمل الأخرى فالسلطة التشریعیة أو البرلمان ھي الرافد الأساسي الذي
یستند إلیھ القضاء في إصدار الأحكام ،وھذه الأحكام بالضرورة تحتاج إلى تنفیذ والذي یتولى ھذه المھمة ھو الحكومة أو السلطة التنفیذیة.
من ھنا یمكن القول على أن التكامل بین السلط طبیعي ومقبول وإن كنا قد أكدنا مع مونتسكیو على ضرورة الفصل والاستقلال وعدم تداخل إحدى ھذه السلط في مجال
الأخرى الذي قد یؤدي الى ضیاع الحقوق . بالإضافة إلى كل ھذا یجب على الدولة ان توفر لمواطنیھا حقا آخر یرتبط في الواقع ارتباطا وثیقا بحق الحریة، ألا وھو حق الأمن
والرعایة ضد الأخطار الخارجیة.
ملحق: الدولة مجموعة من الأجھزة( نص ألتوسیر)
طرح تجدید الفكر الماركسي إشكالا نظریا فیم یخص مسألتین : الأولى تتعلق بأن كل محاولات التجدید التي لحقت الماركسیة اتھمت بالمراجعة ؛ أو اتھمت بتحریف
أصول الماركسیة.والثانیة تتعلق بأن مسألة طرح الماركسیة من جدید في المجتمع بعید عن لحظة ماركس بعشرات السنین؛ معناه إعادة النظر أو على الأقل تكییف الفكر
الماركسي مع معطیات العصر. وفي ھذا الصدد یحضر لوي ألتوسیر كأھم منظر للنظریة الماركسیة .وفي ھذا النص یكشف ألتوسیر عن الأبعاد الأیدیولوجیة الأجھزة الدولة
مستثمرا في ذلك العدة المفاھیمیة لماركس من خلال استحضار مفھوم الصراع والھیمنة والتحكم والمراقبة والقمع والعنف. ومن ھذا المنظور یمیزالتوسیر بین نوعین من
الأجھزة التي تحكم بھا الدولة ؛ النوع الأول یرتبط بجھاز عیاني یتمثل في الجیش والشرطة والسجون ؛ حیث یمثل جھازا عنیفا تتم بواسطتھ قمع كل أشكال الانحراف
والتظاھر ؛ أي أن الدور المنوط بھذا الجھاز ھو شل حركة المجتمع نحو الثورة .أما النوع الثاني فیرتبط بجھاز اخر أكثر تكتما تسرب من خلالھ الدولة إیدیولوجیتھا الخاصة
وفق الشروط والظروف التي تسمح لھا بذلك ؛وفي ھذا الإطار یمكن إدراج كل مؤسسات الدولة : مؤسسة دینیة ، مدرسیة، قانونیة، إعلامیة...
إن كل ھذه المؤسسات تمارس الدور المكمل لما تقوم بھ أجھزة الدولة القامعة،التي و إن كانت تمارس العنف المادي، فإن ھذه المؤسسات الأخیرة تمارس نوعا من
التعمیة و التعنیف الایدیولوجي من خلال ما تمارسھ من إكراه فكري؛ بل وأن ھذه السلطة التي تمتلكھا تبقى في كل المجتمعات متخفیة لكونھا إما تخاطب الجانب الوجداني أو
الإلزامي(الدین، القانون) في الإنسان؛ ومن تم، فھذه الأشكال الإیدیولوجیة لابد وأن تتكامل فیما بینھا لتنتج شكلا قمعیا للدولة.
ملحق: السلطة لیست مجموعة أجھزة ( نص میشیل فوكو)
یمكن القول على سبیل افتراضي أن التصور الفوكوي لطبیعة السلطة السیاسیة یختلف عدة ونتائج عن التصور الألتوسیري لأشكال أجھزة الدولة وممارستھا لفعل القمع
.وھنا یجب أن نشیر إلى ان فوكو ینطلق من فرضیة تقول أن الإستراتیجیات و علاقات القوى المتعددة التي تتداخل فیما بینھا ھي التي تخلق سلطة الدولة ومؤسساتھا .ومن ھذا
المنطلق ، فإن السلطة عند فوكو لا تعبر عن شكل متعال عن مجال اشتغالھا ، بل عن شكل محایث یطلق على وضعیة استراتیجیة معقدة في مجتمع معین .
إن التصور الكلاسیكي للسلطة ظل محصورا في مجموع الأجھزة و المؤسسات التي تمكن من إخضاع المواطنین داخل دولة معینة سواء عن طریق العنف أو عن طریق
القانون. لكن فوكو سوف یرفض ھذا التصور بدعوى أن الانطلاق من فرضیة سیادة الدولة في إطار الشرعیة و الھیمنة معناه الوصول إلى الشكل النھائي للسلطة، وعلیھ، فإن
الذي یھم ،حسب فوكو، ھو البحث عن أشكال تغلغل وتواجد وتصارع مجموعة من القوى داخل مجتمع ما لتفرز شكلا مھیمنا ما. یقول :"یبدو لي أن السلطة تعني بادئ ذي
بدء علاقات القوى المتعددة التي تكون محایثة الذي تعمل فیھ(....) إنھا الحركة التي تحول تلك القوى و تزید من حدتھا وتقلب موازینھا بفعل الصراعات التي لا تنقطع". ولا
یخفى ان القول بحتمیة الصراع معناه التوسل بخطط واستراتیجیات تضمن دوام المنافسة و الصراع مع الخصم من أجل الھیمنة. فإذن ما السلطة؟یجیب فوكو بقولھ "یجب
تحلیل السلطة كشيء متحرك ، وبالأحرى كشيء لا یمكنھ الاشتغال إلا عن طریق التسلسل ، فھي لیست محلیة ولیست بید أحد ، بل تشتغل في إطار شبكة ، ومن تم( تضمن)
حركة الأفراد بجعلھم مستعدین للخضوع أو ممارسة السلطة ." والقول بشبكیة السلطة معناه الإقرار بعدم جدوى البحث عن السلطة في النقط المركزیة للدولة كما تمثلھا
المؤسسات ، بل من الضروري الالتجاء إلى أكثر النقط الھامشیة لأنھا أكثر فاعلیة .ومن ھذا المنظور ، یلح فوكو على اعتبار السلطة نوعا من المعرفة الإستراتیجیة الموجًھة
والموجَھة ، فمن جھة لا تشتغل السلطة إلا على نحو معرفة ، والمعرفة ھي التي تضمن سیادة السلطة .ولھذا یمكن القول أن السلطة متواجدة في كل مكان وزمان نظرا
لقدرتھا على التولد في كل لحظة ؛ إذ بمجرد ما تنبع معرفة ما (علمیة أو غیر علمیة) لابد وأن تتمظھر في شكل سلطة معینة بالغة التعقید لدرجة یصعب تتبع أصول نشوئھا
.
|||- المحور الثالث : الدولة بین الحق والعنف:
-1 مشروعیة العنف( ماكس فیبر)
یعبر كتاب "العالم والسیاسي" لماكس فیبر عن إشكالیة جدلیة یحیاھا المجتمع المعاصر ؛ بین تدخل العلم في شؤون المجتمع ومحاولات تغییره نحو الأحسن
وبین رؤیة السیاسي الذي یمارس نوعا من الھیمنة في إطار من المشروعیة.
إذن كیف یمكن تحدید مظاھر تسییس كل مناحي الحیاة الاجتماعیة وجعلھا خاضعة لھذا النموذج السیاسي أو ذاك ؟
إن السیاسة عند فیبر وإن كانت تحیل في دلالاتھا على تمظھرات كثیرة ترتبط بوسائل التدبیر والتحكم , فإنھا تحیل بشكل أساسي على مفھوم الدولة كقیادة سیاسیة
لتجمع بشري في جغرافیة معینة.لكن كیف یمكن للدولة أن تسوس أمور الشعب ووفق أي أدوات ؟
یقول فیبر على لسان تروتسكي أن وسیلة الدولة المثلى ھي العنف كضامن وحید لھیمنة الدولة.غیر أن ھذا العنف وإن كان لیس وسیلة الدولة الوحیدة ، إلا أنھ أكثر
أسلحتھا نجاعة في قیادة المجتمع ولممارسة السلطة ، مادام أن تاریخ البشریة كشف عن محاولات التعنیف لضمان السلم الاجتماعي . من ھذا المنطلق یرى فیبر أن السیاسي
یتوق إلى السلطة ، إما لأنھا وسیلة لتحقیق غایات مثالیة أو أنانیة و إما لذاتھا من أجل إشباع الشعور بالفخر الذاتي والرغبة في الوصول إلى السلطة وامتلاكھا، بل وإن
الاحتفاظ بھا یعني بالضرورة أن الدولة /السلطة تعتمد على علاقة أساسیة تربط بھا ھیمنة الإنسان على الإنسان من خلال العنف المشروع، ومن تم یقول فیبر"لا یمكن أن
توجد الدولة إلا بشرط خضوع الناس المھیمن علیھم إلى السلطة"
یمكن القول إذن أن الدولة من ھذا المنظور ھي المالكة الوحیدة لحق ممارسة العنف داخل تجمع سیاسي معین كونھا تمتلك وسائل متعددة لممارسة السلطة.
-2 الدولة ھي نتاج الصراع بین الطبقات ( فریدریك إنجلز )
لا یمكن النظر إلى الفكر الماركسي إلا من داخل علاقاتھ المتشنجة مع فلسفة ھیغل . والواقع أن ماركس أخد عن ھیغل في كثیر من أطروحاتھ دون أن یمنعھ ذلك من
إعادة النظر في التصور الھیغیلي للتاریخ والدولة. إذ إذا كان ھیغل قد أقر بأن التاریخ أو الروح المطلق قد انتھى مع الدولة البروسیة معبرا عن انصھار العقل في الواقع
والواقع في العقل، فإن مثل ھذا التصور لا یخفي عن نفسھ البعد التبریري والاختزالي للتاریخ ، وربما ھذا ما یبرر قلب ماركس للجدل الھیغلي بجعلھ یسیر على قدمیھ بعد أن
كان یسیر على رأسھ.فإذن كیف یحضر مفھوم الدولة عند كل من ماركس وانجلز؟ وما علاقة تطور التاریخ بالدولة؟
إن الدولة في نظر إنجلز لیست ھي الصورة المطلقة لظھور العقل في التاریخ وفي الدولة , بل إنھا نتیجة تصارع قوى عدیدة داخل ھذا المجتمع أو ذاك في مراحل
تطوره.وھذا یعني تماشیا مع التصور الماركسي ، أن التناقض والصراع ھو المحدد الأول والأخیر في تمفصل طبقات المجتمع تبعا للمصالح الاقتصادیة لكل طبقة، ومن ھنا
یمكن فھم أساس قیام الدولة كطرف للمصالحة بین الأطراف المتنازعة ، ومن تم تنصب نفسھا فوق المجتمع.
ولھذا السبب یمكن فھم حاجة كل المجتمعات إلى الدولة ، إذ إن كل إفرازات المجتمع الإیدیولوجیة والدمویة بین الأفراد والطبقات تحتاج كلھا إلى جھاز سلطة لكبح
تعارضاتھا وجعلھا في مستوى مقبول.لكن لا ینبغي ان نفھم من ھنا ان الدولة طرف محاید في معادلة الصراع، بل ھي دوما تتشكل من الطبقة الأقوى في المجتمع أي تلك
الطبقة التي تسود وتھیمن اقتصادیا ، مما یضمن لھا أن تسود سیاسیا .وھذا یعني ، حسب انجلز، لم توجد في یوم من الأیام إلا عندما تطور المیدان الاقتصادي وفرض تنظیم
المجتمع وفقا لوسائل الإنتاج والاستغلال .
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى