www.ataleb.net
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
avatar
ataleb
Admin
عدد المساهمات : 2910
تاريخ التسجيل : 08/02/2014
https://achamel.ahladalil.com

درس النظرية والتجربة  Empty درس النظرية والتجربة

الثلاثاء أبريل 15, 2014 12:36 pm
النظریة والتجربة

مقدمة:

یندرج مفھوما النظریة والتجربة ضمن فلسفة العلوم التي تؤسس بحق لأجرأ نظریات المعرفة
العلمیة والتي شكلت منذ ظھورھا مطلع القرن الفارط لب الأبحاث العلمیة التي ساھمت في تطویر
العلوم المعاصرة والتي كانت سببا في رفاھة الانسان المعاصر.
1.المحور الأول:التجربة والتجریب.
مما لا مناص فیھ، تعتبر المعرفة العلمیة نموذجا للموضوعیة والدقة في أبحاثھا ونتائجھا، لكن
ما سبب قوتھا ومصداقیتھا؟ثم كیف تبني موضوعھا:ھل بالاعتماد على الوقائع الحسیة أم باللجوء
إلى الفكر العقلاني؟

یرى كلود برنار أن المنھج التجریبي الذي ینطلق من التجربة مرورا بالمقارنة وانتھاء
بالحكم یشكل جوھر المعرفة العلمیة لكونھ ھو المصدر الوحید للمعرفة الإنسانیة،ولاسیما في إدراك
العلاقات بین الظواھر،وفي اعتماد الاستدلال التجریبي لاستنباط الأحكام والقوانین من الظواھر
الطبیعیة بغیة التحكم فیھا.
في حین دافید ھیوم لا یرى ضرورة ابتداء المعرفة بالتجربة وحدھا بل علیھا أن تقوم كلیا
على التجربة. فما یمكن ملاحظتھ ھي الظواھر التي لایمكن تفسیرھا ، إذ لا شيء یمكن
معرفتھ قبلیا دونما أي تجربة.
أما رونیھ طوم فیعتقد أن الواقعة التجریبیة لا یمكن أن تكون علمیة إلاإذا استوفت شرطین
أساسین :
قابلیة إعادة صنعھا في مجالات زمكانیة مختلفة.
إثارتھا اھتماما تطبیقیا یتمثل في الاستجابة لحاجات بشریة، واھتماما نظریا یجعل البحث
یندرج ضمن إشكالیة علمیة محققة.
وفي ھذه الحالة یكون الھدف من التجریب ھو التحقق من مدى نجاعة فرضیة ما .لكن من
أین تأتي الفرضیة ؟
لا وجود لفرضیة بدون وجود شكل من أشكال "النظریة" ...ویتعلق الأمربالعلاقات السببیة
التي تربط السبب بالنتیجة. فیكون دور التجربة إما إثباتھا وإما تكذیبھا..غیر أن التجریب
وحده عاجز عن اكتشاف أسباب ظاھرة ما . وھنا یأتي دور الخیال الذھني لیطلق العنان
للإبداع الذي عجز عنھ الإحساس .
المحور الثاني:العقلانیة العلمیة.
في الوقت الذي یشكل فیھ العقل مصدرا لبناء النظریة یؤسس الواقع موضوعھا لكن ما الأساس
الذي تبنى علیھ العقلانیة العلمیة ؟ ھل العقل أم التجربة، أم ھما معا؟
یرى دیكارت ضرورة بناء المعرفة العلمیة اعتمادا على العقل وحده دونما الاستعانة بالتجارب
والمعارف النابعة من الحواس لأن لھ جمیع الخاصیات والمؤھلات التي تتیح لھ إنتاج
الحقیقة .فالعقل یعتمد على المبادئ التي تساعدهعلى بلوغ أھدافھ ببداھة ووضوح تامتین.
لكن كانط لھ موقف یجمع فیھ بین قدرات العقل ومعطیات التجربة،بمعنى التكامل بین المعرفة
العقلیة القبلیة والمعرفة التجریبیة البعدیة.فالتجربة لیست إلا مجرد وسیلة یتم بموجبھا الحكم على
المبادئ العقلیة القبلیة لان بلوغ الأحكام الكونیة رھین بالتفكیر العقلي المنقح بالتجربة.
ویذھب ألبیر إنشتاین إلى أن للعقل الدور الایجابي في المعرفة العلمیة .فالعقل ھو الذي یمنح
النسق الریاضي -الذي أصبح في ظل الفیزیاء المعاصرة المحدد الرئیسي - بنیتھ. أما التجربة
فینبغي أن تتناسب مع نتائج النظریة تناسبا تاما. لأن البناء الریاضي الخالص یمكننا من
اكتشاف المفاھیم و القوانین و التي تمنحنا مفتاح فھم ظواھرالطبیعة التي یرى اینشتاین أنھا
تتحدث لغة الأرقام.
في حین یعتبر بوانكاري أن العلاقة بین الریاضي والفیزیائي یجب أن تقوم على أساس التعاون
والاستفادة المتبادلة،مادام أنھما یسعیان لتحقیق نفس الھدف.فالعلم یرى أنھ تطور عندما اعتمد
الفیزیائي على اللغة الریاضیة من أجل صیاغة قوانینھ،الأمر الذي تسبب في تقلیص الأھمیة التي
احتكرتھا التجربة فأضحت عقلانیة الریاضیات حاضرة بقوة في النظریة الفیزیائیة.
المحور الثالث:معاییر علمیة النظریات العلمیة.
من المصادر عنھ أن المعرفة العلمیة حققت نجاحا باھرا في كل مجالات اشتغالھا، والفضل في ذلك
یرجع إلى زخم كبیر من الأسباب التي جعلتھا تحظى بالدقة والموضوعیة والصرامة.لكن ألا یحق لنا
أن نتساءل عن ما ھي معاییر علمیة المعرفة العلمیة؟وما ھي مقاییس صلاحیتھا ؟
یرى برتراند راسل أن المعرفة العلمیة التي یحصلھا الإنسان على وجھین: معرفة بالحقائق الخاصة
، ومعرفة بالحقائق العلمیة.فالحقائق الخاصة ھي وقائع تتضمن استنتاجات تتباین درجة صحتھا
وصلاحیتھا ، في حین تتخذ الحقائق العلمیة صورة استنتاجات یقینیة .إلا أن ھذه الحقائق العلمیة قد
تقصر على استیفاء شرط العلمیة حینما لا تفي بمعاییر منھجیة ثلاثة تتلخص فیما یلي:
-1 الشك في صحة الاستقراء
-2 صعوبة استنتاج ما لا یقع في تجربتنا، قیاسا على ما یقع فیھا.
-3 افتراض إمكانیة استنتاج ما لا یدخل في تجربتنا یكون ذا طابع مجرد لذلك یعطي قدرا من
المعلومات أقل مما یبدو أنھ معطیھ لو استخدمت اللغة العادیة.
أما بوانكاري فیذھب إلى أن معیار الموضوعیة في العلم فیتحدد في العلاقة الموجودة بین
الظواھر ،لھذا لم یعد ینظر إلیھا بشكل معزول مما أتاح للباحثین إمكانیة تحقیق المسافة العلمیة
الضروریة بینھم وبین الموضوع المدروس.والخاصیة التي تمیز النظریات العلمیة ، ھي قابلیتھا
للتطور والمراجعة والتغییر.فالنظریة قد تصبح یوما ما متجاوزة لتفسح المجال لأخرى لتحل
محلھا.وتتخذ لاحقا النظریة حلة جدیدة.
غیر أن موران یوجھ تحذیرا من خطورة تطور العلم لأنھ وان حرر الإنسان من عبودیة الفكر
الخرافي لكنھ زج بھ في عبودیة جدیدة، ألا وھي حیاة الخراب والدمار.ومن ھنا كان لزاما أن
تعي النظریة العلمیة نفسھا وأن تقتنع بحتمیة الانفتاح على نظریات جدیدة وتخضع لمنطق
التحولات والقطائع حتى تتمكن من تصحیح أخطائھا.
------------------------------------------
تقدیم اخر
إذا كانت الطبیعة بمختلف ظواھرھا تشكل موضوعا للعلم ، فإن العلم في حد ذاتھ ،
من حیث مناھجھ و نتائجھ و تحولاتھ ، شكل موضوعا للفلسفة ، حیث تخصص
فیھ فرع من فروعھا یسمى * الإبستیمولوجیا * و الذي اھتم بالدراسة النقدیة
للمعرفة عموما و العلوم خاصة ، و من بین ما اھتم بھ في دراستھ للعلوم
التجریبیة ھو مفھوم * النظریة و التجریب * و ما یرتبط بھ من إشكالات الواقع و
العقل و المنھج و المفاھیم . و ھي قضایا تطرق إلیھا الفلاسفة و تفرقوا إلى
مذھبین إزاء الإشكال الرئیسي المرتبط بمصدر المعرفة ، ماھو مصدر المعرفة ھل
العقل أم التجربة ؟ حیث تزعم "رونیھ دیكارت" المذھب العقلاني الذي انتصر
للعقل ، و تزعم "فرانسیس بیكون" المذھب التجریبي المؤید للتجربة. و تطور
ھذا النقاش في القرن التاسع عشر مع انفصال العلوم عن الفلسفة بموضوعاتھا و
مناھجھا، حیث ظھرت نزعة اختباریة ترجح أساس المعرفة العلمیة الى التجربة و
المنھج التجریبي ، لكن سرعان ما ستصیر متجاوزة بفعل تحولات أفضت إلیھا
الاكتشافات الجدیدة . فما ھي التجربة و ما علاقتھا بالنظریة ؟ و ھل التجربة
الحسیة المباشرة ھي مصدر النظریة العلمیة أم أن مصدرھا ھو التجریب العلمي
الممنھج ؟ و الى أي حد استطاع التجریب في استقلال عن العقل اقامة نظریات
علمیة ؟ و ما امكانیة اقامة عقلانیة علمیة ؟ وما معاییر تحقق عملیة النظریات
العلمیة ؟
التجربة و التجریب: .I
-1 التجربة : یمارس الناس جمیعا التجربة خلال حیاتھم الیومیة، بفعل احتكاكھم المباشر بالواقع عن
طریق الحواس، إذ یتوصلون عادة إلى أفكار تدخل في نطاق الحس المشترك و التمثلات العامیة. و تتسم
ھذه الأفكار بالتلقائیة و الذاتیة و الخضوع للأحكام المسبقة و المتسرعة، إنھا التقاط لما یظھر للعیان في
الملاحظة المباشرة و الساذجة . فلا یمكن إدخال ھذه التجربة في مجال العلم، لأن نشأة العلوم كان بإبعاد
ھذا النوع من التجربة و تاسیس ممارسة منظمة و دقیقة تتجاوز الطابع المباشر و السطحي و الذاتي
للتجربة العادیة، بالاعتماد على التجریب .
-2 التجریب : ارتبط ظھور التجریب كممارسة علمیة بتخصص كل علم بموضوع محدد و منھج خاص بھ
، حیث تأسست العلوم على قواعد و مبادىء منظمة تقود إلى نتائج مضبوطة .
فالطبیعة تحكمھا قوانین لا تظھر بشكل تلقائي و مباشر للإنسان الا اذا اعتمد منھجا دقیقا و منظما، و
اشتغل بطریقة مخبریة تمكن من عزل الظاھرة المدروسة و فرزھا عن العوامل المتشابكة حولھا و التي
تعوق معرفة قوانین الظاھرة بشكل واضح.
- لقد ظھر المنھج التجریبي في صیغتھ الكلاسیكیة مع العالم الفرنسي * كلود برنار* ( 1813
1878 ) الذي استفاد من التراكم العلمي و المنھجي الذي خلفھ غالیلي و نیوتن و بیكون و ستوارت میل. حیث
وضع * كلود برنار* في كتابھ اْلمدخل لدراسة الطب التجریبي 1865 . قواعد المنھج التجریبي في
خطوات أربعة ھي : الملاحظة و التجربة و الفرضیة و القانون.
أ- الملاحظة : ھي أول خطوة منھجیة في عمل العالم، تختلف عن الملاحظة العادیة لكونھا لا تعتمد على
العین المجردة إلا في حدود ضیقة جدا، و تكون في أغلب الأحیان مجھزة بآلات و أدوات علمیة، یقول
ك. برنار : < لكي تكون معاینة الظاھرة معاینة سلیمة یستخدم الملاحظ كل الأدوات التي من شأنھا جعل
ملاحظتھ للظاھرة ملاحظة أكثر شمولیة > و یشترط في الملاحظة أن تكون موضوعیة مرتبطة بالظاھرة
المدروسة بعیدا عن رغبات و میولات الملاحظ الذي یجب أن یكون كآلة تصویر تنقل بالضبط ما ھو
موجود في الطبیعة حیث یجب أن یلاحظ دون أي فكرة مسبقة . تعد الملاحظة لحظة إصغاء موضوعیة
و محایدة ینتقل بعدھا العالم إلى وضع الفرضیات، فما ھي الفرضیة ؟ و ما موقعھا في المنھج التجریبي
؟
ب - الفرضیة : ھي فكرة مؤقتة یقترحھا العالم لتفسیر ظاھرة معینة، و تشكل استدلالا عقلیا ینطلق من
الملاحظة و یقود إلى التجربة، فإذا أكدت التجربة صحة الفرضیة أصبحت قانونا و إذا تبین خطأھا
استبدلت بفرضیة أخرى، یشترط في الفرضیة أن تكون قابلة للتحقق التجریبي و نابعة من الظواھر
المدروسة و لا تتناقض مع ذاتھا.
ت - التجریب: ھو الخطوة الثالثة من خطوات المنھج التجریبي، یقوم فیھا العالم بالتدخل في الظاھرة
المدروسة، أو یصطنعھا في المختبر بتوفیر شروطھا الأساسیة، و عزلھا عن العوامل و المتغیرات
الأخرى، من أجل تحدید طبیعة العلاقات بین الظواھر المتدخلة في إنتاج الظاھرة المدروسة. ولإضفاء
طابع الحتمیة و الضرورة على نتائج التجربة، یشترط فیھا أن تكون قابلة للتكرار كلما توفرت نفس
الشروط المخبریة، و یتحقق فیھا مفھوم العزل كي یتم التمییز بین عوامل الظاھرة المدروسة و غیرھا،
و إمكانیة التحكم في الشروط التي تحدثھا و إدخال شروط جدیدة، كما ینبغي أن تكون نتائج التجربة
قابلة للتعمیم على ظواھر من نفس النوع و تنتج في نفس الظروف.
د- القانون: ھو – العلاقة الثابتة بین ظاھرتین أو أكتر – إذ یكون ھدف العالم من الملاحظة و الفرضیة و
التجربة ، ھو معرفة تلك العلاقة الثابتة ، و تحدید الشروط الموضوعیة القائمة بین ظاھرتین أو أكثر. و
المتضافرة في إنتاج الظاھرة المدروسة ، حیث متى توفرت نفس الشروط نتجت عنھا تلك الظاھرة، مثل
تبخر الماء في حرارة مائة درجة ، فالتبخر كظاھرة طبیعیة یمكن أن نحدثھ في المختبر متى وفرنا
شروطھ الثالیة : الماء+ حرارة مائة درجة. إذ یكون القانون حتمیا معبر عنھ في صیغ فیزیائیة مثل
التي نعبر عن الماء. H²O :
العقلانیة العلمیة: II
لقد أفضت العلوم المعاصرة في القرن العشرین إلى اكتشاف ظواھر و علاقات میكروسكوبیة یصعب
تحدیدھا كأشیاء لھا خصائصھا الممیزة الثابتة نسبیا، و یتعذر تعیینھا في الزمان و المكان، و ظھرت
نظریات جدیدة ( مثل نظریة النسبیة لأنشتاین) لا تعتمد التجربة الإمبریقیة بمفھومھا الكلاسیكي، و لكنھا
تتوصل الى نتائجھا عن طریق المعادلات و الخطاطات الریاضیة المجردة، فلم تعد التجربة مرجعا لأختبار
صدق الفرضیات أو كذبھا، و لا منبعا للنظریات، لأن النظریات أصبحت عبارة عن إنشاءات عقلیة حرة.
1955 أن الإبداع العقلي ھو الأساس النظري للفزیاء و من ھذا المنطلق أكد – ألبیرت اینشتاین – 1879
المعاصرة. فالنظریة ھي نسق تتكامل فیھ المفاھیم و المبادئ الصادرة عن العقل، و لا یكون للتجربة إلا
دورا ثانویا یكمن في مطابقة القضایا الناتجة عن النظریة، و توجیھ العالم إلى اختیار بعض المفاھیم
الریاضیة التي یوظفھا، في حین أن العقل ھو الذي یمنح النسق بنیتھ، على نحو ریاضي خالص. إذ یقول
اینشتاین : - ان المبدأ الخلاق في العالم لا یوجد في التجربة بل في العقل الریاضي -
لقد اقتضت ضرورة التطورات الطارئة في العلوم المعاصرة إعطاء العقل و التجرید الریاضي مكانة متمیزة
في مواجھة النزعة الإختباریة الكلاسیكیة ، مع ذلك سیضل التجریب حاضرا بقوة في مناھج العلوم، مما
فرض ضرورة إیجاد إطار نظري یحدد العلاقة بین التجربة /الواقع و النظریة / العقل. و في ھذا السیاق
جاء الإبستمولوجي الفرنسي * غاستون باشلار* بمفھوم العقلانیة المطبقة ، و ھي عقلانیة یتم فیھا
تركیب دقیق بین العقل و الواقع، فالتجربة كما تصورتھا المذاھب التجریبیة كمصدر وحید للبناء النظري
للعلم أصبحت متجاوزة، و العقل كما تصورتھ العقلانیة الدیكارتیة كمستودع للأفكار قبلیة، معزولا عن
الواقع بذاتة صار طرحا متجاوزا أیضا. لأن العقلانیة العلمیة ھي عقلانیة مطبقة لا ینفصل فیھا العمل
التجریبي عن النشاط العقلي، حیث یتحدد العقل العارف مشروطا بوضوح معرفتھ لكي تكون النظریة
العلمیة نتاج حوار دقیق ووثیق بین العقل و الواقع.
معاییر علمیة النظریات العلمیة: - III
أمام تعدد النظریات بتعدد حقول المعرفة و تقاربھا أو تقاطعھا، و أمام انھیار النموذج الكلاسیكي
للمنھج العلمي، طرح السؤال، ما معاییر علمیة النظریات العلمیة ؟ 1-) معاییر التناسق المنطقي:
أن النظریة الفزیائیة ھي "نسق من القضایا الریاضیة (duhem* (1861- یرى * دوھیم 1916
المستنبطة من عدد قلیل من المبادئ" إذ أن تناسب النظریة مع التحلیل الریاضي عموما ھو احد المعاییر
التي تؤكد عملیتھا ، و لذلك یشترط فیھا أن تكون الفرضیات و التعریفات التي تنطلق منھا محددة بشكل
واضح، و أن تخضع لتناسق منطقي باحترام مبدأ عدم التناقض سواء بین حدود كل فرضیة، أو بین
الفرضیات المعتمدة في النظریة ككل، كما یشترط في النظریة معیار التناسق بین مختلف المبادئ و
الفرضیات التي تقوم علیھا حسب قواعد التحلیل الریاضي، و تتخذ التجربة في الأخیر لكي تقارن مع
القضایا المستنبط ریاضیا ، للتأكد من مدى صحتھا أو خطأھا.
-2 ) معیار تعدد الاختبارات:
إن فاعلیة النشاط العلمي ھي فاعلیة دینامیة و شاملة ، تتجدد معھا النظریات و المفاھیم و
تتغیر معھا نظرة الإنسان إلى العقل و الواقع، و لما كان استمرار العلم مرتبط بتجدد تصوراتھ و نتائجھ،
یرى " بییر تویلیي" أنھ وجب على العالم لكي یحقق عملیة نظریتھ أن یخضعھا باستمرار إلى فرضیات
إضافیة و أن یكرر اختباراتھ لكي تحافظ من جھة على تماسكھا المنطقي الداخلي ، و كي تخرج أیضا من
عزلتھا التجریبیة بانفتاحھا على فروض نظریة جدیدة. فتعدد الإختبارات ھو معیار عملیة النظریة و علامة
قوتھا .
-3 ) معیار القابلیة للتكذیب/ التزییف:
قدم " كارل بوبر " تصورا یتجاوز مفھوم الحتمیة الذي عرفتھ الفیزیاء الكلاسیكیة ، مؤكدا
أن معیار عملیة النظریات العلمیة لا یتحدد فیما تقدمھ من یقینیات و حتمیات بقدر ما یتحقق قي قابلیة تلك
النظریة للتفنید و التكذیب، و أن تضل مفتوحة على إمكانیة الإختبار مجددا. فالطابع التركیبي و الشامل
للنظریة الذي یتعدى حدود التجربة و لا یكتفي بنتائجھا، یجعل من المتعذر التحقق من صدق أو كذب
النظریة بواسطة التجربة، لذلك فمعیار الحكم على النظریة بأنھا علمیة، ھو قابلیة منطوقھا و بنائھا
النظري للتفنید أو التكذیب . فعلى النظریة أن تقدم الاحتمالات الممكنة التي تفند بھا ذاتھا.
************
********
تقدیم
یقصد بالمعرفة كل بناء منھجي یعتمد على قدرات عقلیة ومھارات فكریة، ویتم ھذا
البناء من قبل الذات في علاقتھا بالموضوع، وعلیھ فكل بناء معرفي ھو نتیجة لھذه
نوع، قد یكون ;ÿÿ یمھ م&# 78 ;ÿÿ الجدلیة القائمة بین الذات والموضوع ومعیار تق
الواقع وقد یكون الفكر النظري أو ھما معا، وتنقسم المعرفة إلى علمیة وغیر علمیة،
فالأولى تخضع لبناء إستنباطي یحكمھ الاتساق والإنسجام بین مقومات وقوانین نظریتھ،
والثانیة ھي كل معرفة ناتجة عن التمثل المشترك، وتفتقد لخصوصیة البناء المنظم
ونموذجھا السحر، الشعوذة...
تحدید مجال المفھوم:
تعتبر النظریة بناء فكري إستباطي یحكمھ الاتساق والإنسجام، یعتمده العالم الباحث
للإجابة عن مجموعة من الطروحات والفرضیات التي تشكل موضوع إھتمامھ، وتتصل
النظریة أیضا بالممارسة والتطبیق وبالمجال العلمي بشكل عام، وفي كلتا الحالتین تأخذ
النظریة معنى، إنتاج فكري تركیبي وصفي موجھ للتطبیق والتأثیر في الواقع، وبھذا فھي
تحمل عدة أبعاد، بعد واقعي یھم الموضوع الذي تتولى وصفھ، وتفسیره وبعد تقني یرتبط
بمجموع الإجراءات والعملیات التي تحیط بإنتاجھا، ثم بعد قیمي یتعلق بمدى صدقھا
وتماسكھا. مقابل ھذا التحدید للنظریة یمكن التساؤل ما التجربة؟
یشیر لفظ التجربة، إلى مجالات عدیدة ومتنوعة، فھي تشمل المعارف والخبرات التي
یكونھا الإنسان في علاقتھ المباشرة بالواقع، كما تعني اكتساب القدرة على الإتقان، أما في
مجال المعرفة العلمیة فتعتبر الوسیلة الأساسیة التي یلجأ إلیھا العالم التجریبي لمعرفة
القوانین المتحكمة في الظواھر.
من ھذا المنطلق، یعتبر مفھوم النظریة والتجربة مفھوم معقد وإشكالي، فما دلالة كل
من النظریة والتجربة؟
من الدلالة إلى الإشكالیة:
یحمل مفھوم النظریة في التمثل المشترك معاني القول والحكم والرأي، والنظریة
حسب ھذا التمثل تكون إما سلبیة أو إیجابیة، سلبیة إذا لم یسندھا الفعل والعمل وإیجابیة
إذا تحولت إلى أداة للفعل والعمل وجلب المنافع، وبھذا یتبین أن التمثل المشترك ازدرى
التنظیر واحتقره، مما یبرز مدى قصوره ومحدودیة أفقھ.
وبالانتقال إلى المجال اللغوي العربي نجد أن لفظ النظریة اشتق من كلمة النظر التي
تفیذ المشاھدة الحسیة العیانیة، أما اصطلاحا وفي لسان العرب لإبن منظور تفید النظریة
معنى الترتیب والنظام؛ "ترتیب أمور معلومة على وجھ یؤدي إلى إستعلان لیس معلوم".
اشتقت من العبارة théorie بینما في اللسان الفرنسي نجد كلمة نظریة
التي تعني النظر والمشاھدة الحسیة، فضلا عن استخدام التأمل théoria الإغریقیة
العقلي. وعلى المستوى الفلسفي اعتبر لالاند أن النظریة بمثابة "إنشاء تأملي للفكر،یربط
نتائج بمبادئ"، لیستخلص من ھذا التعریف أن النظریة عقلیة، وبذلك فھي تتقابل مع
الممارسة والتطبیق.
أما مفھوم التجربة فیحمل في التمثل المشترك معاني الإحتكاك والإرتباط بالواقع التي
تسمح للفرد، باكتساب خبرة معینة في مجال معین، (تدریس، بناء......) أما في المجال
العلمي فتعني القیام بخطوات منظمة من طرف العالم لإستنباط القوانین المتحكمة في
الظاھرة المدروسة، وتعني عند كلود برنار؛ ملاحظة من الدرجة الثانیة، أما عند لالاند
فیفید لفظ التجربة "بمعنى عیني وتقني أكثر؛ فعل الإختبار".
ومن ھذه الدلالات المتباینة والمختلفة، یتبین إلى أي حد یعتبر مفھوم النظریة
والتجربة معقدا وإشكالیا، وھذا ما یحفزنا على إثارة التساؤلات التالیة:
ھل ھناك تداخل بین النظریة والتجربة؟ وما علاقة ھذه الأخیرة بالتجربة؟ وما دور كل
من العقل والنظریة في بلورة النظریة العملیة؟ وماھي معاییر صحة النظریات العلمیة؟.
المحور الأول: التجربة والتجربة.
لقد شكلت التجربة الخام والملاحظة العامیة في تاریخ العلوم عائقا إبستیموجیا حال
دون تقدم المعرفة العلمیة، لكن وبفضل مجھودات مجموعة من العلماء الذین عملوا على
بناء نظریات علمیة متمیزة عن بادئ الرأي والحس المشترك، الذي ینتج عن التجربة
الحسیة المباشرة، والخبرات الذاتیة، أما النظریات العلمیة فتقوم على التجریب العلمي،
ھذا الأخیر حسب كویري عبارة عن مساءلة منھجیة للطبیعة قائمة على لغة ریاضیة.
بالإضافة إلى ھذا، یقترح كلود برنار جملة من الشروط التي ینبغي توفرھا في العالم
التجریبي، والتي یعتبرھا ضروریة في بلوغ التجربة العلمیة، وأكثر من ھذا نجده یمیز
بین الملاحظ والمجرب، على المستویین النظري و العلمي، فعلى المستوى النظري؛ إن
الملاحظ لایستدل أما المجرب فیستدل على الوقائع المكتسبة أما على المستوى العلمي
لایمكن التفریق بینھما، لأن الباحث ھو نفسھ الملاحظ والمجرب.
فالنظریة إذن لیست شیئا آخر، عدا التجربة العلمیة المراقبة من طرف التجربة غیر
أن التجریب
وحده أحیانا یبقى عاجزا عن إكتشاف الأسباب الظاھرة، لذلك یقترح روني طوم، إكمال
الواقعي بالخیال كتجربة ذھنیة، لایمكن لأي جھاز آلي أن یعوضھا.
نستنتج مما تقدم، أن التجربة بمفھومھا العلمي، لعبت دورا مھما في بناء المعرفة
العلمیة وفي الوقت ذاتھ، إحداث قطیعة إبستیمولوجیة مع التجربة بمفھومھا العامي، كما
عملت على إثارة جملة من التساؤلات أھمھا: ما ھي الأسس التي تقوم علیھا كل من
العقلانیة الكلاسیكیة والمعاصرة؟.
المحور الثاني: العقلانیة العلمیة:
إن الخوض في العقلانیة العلمیة یدفعنا بالضرورة إلى التمییز بین تصورین لھذه
العقلانیة، أحدھما یقوم على أسس عقلانیة كلاسیكیة تتمیز بالثبات والإنغلاق والآخر یقوم
على أسس عقلانیة معاصرة، قوامھا الإنفتاح والتغیر كما یرى باشلار، ومنھ نتساءل؛ ھل
العقلانیة العلمیة قید وإنغلاق أم حریة وإنفتاح؟ وبتعبیرآخر، ھل ھي مضمون ومحتوى،أم
نشاط وفعالیة؟
إن إرتباط میلاد العقل الحدیث بالشك الدیكارتي وبالنقد الكانطي، لم یمنع فلاسفة ھذه
المرحلة، أسوة بالیونانیین، أن ینظروا إلى العقل نظرة مطلقة ثابتة، غیر أن العقل حسب
ج.ب فیرنان، یبقى في الأول والأخیر عبارة عن ظاھرة بشریة خاضعة لشروط تاریخیة
تفرض علیھ وبالضرورة، التقلب والتغیر حسب ھذه الشروط، وعلیھ فإن العقل محایث
للتاریخ البشري في جمیع مستویاتھ، وبالتالي لایمكن القول بوجود تصور مطلق للعقل،
وفي نفس الطرح یرى محمد أركون أن العقل البشري سیرورة من التطورات، بدءا من
العقل القروسطوي اللاھوتي الذي كان یغلب علیھ طابع التفسیر الدیني، مرورا بالعقل
الحدیث الكلاسیكي، المرتكز على الیقینیات المطلقة، وصولا إلى العقل النسبي الذي یؤمن
بالتقدم والتطور.
أما صاحب النظریة النسبیة أ.إینشطاین فیؤكد على أھمیة البناء الریاضي الخالص في
إكتشاف القوانین التي تسمح بفھم الظواھر الطبیعیة، فالمبدأ الخلاق حسب تعبیره یوجد
في العقل الریاضي.
بناء على ھذا، فقد أصبح العقل العلمي المعاصر یتمیز بالنشاط والفعالیة حسب أولمو
وباشلار، فھذا الأخیر یعطي الأھمیة للحوار بین العقل والتجربة في بناء المعرفة العلمیة،
فلم یعد بذلك العقل منعزلا في بناء مفاھیمھ وطروحاتھ العلمیة، بل لابد من یقین في وجود
الواقع في قبضة العقل، ویقین بأن الحجج العقلیة المرتبطة بالتجربة ھي من صمیم
لحظاتھا. فھذا الیقین المزدوج أساسي لقیام التجربة.
من جھة أخرى، وجھ بعض الإبستیمولویین المعاصرین البحث في منحى آخر، حیث
فحص رایشنباخ علاقة العقلانیة العلمیة بالنزعة المثالیة، فاستنتج أن كل معرفة تترفع
وتتعالى عن الملاحظة والتجربة ھي معرفة روحیة تأملیة، أقرب إلى التصوف منھ إلى
العلم، لأنھا تتعالى عن أھم خاصیة في العقلانیة العلمیة، ألا وھي التجربة. وفي إطار
الحدیث عن خصائص العقلانیة التجریبیة، یرى روبیر بلانشي أن ھذه العقلانیة لیست لھا
نزعة إختباریة تعكس معطیات التجربة بشكل آلي میكانیكي، كما أنھا لیست منظومة من
القواعد الثابتة.
إنطلاقا من ھذا التعدد في المواقف نخلص إلى أن العقلانیة المعاصرة المنفتحة لیست
ولیدة الصدفة، بل نتیجة لسیرورة من التراكمات والتحولات التي عرفعھا التاریخ البشري،
مما یفتح المجال أمام طرح إشكالیة صحة معاییر النظریات العلمیة.
المحور الثالث: معاییر علمیة النظریات العلمیة.
لقد أدى تعدد المناھج العلمیة والمقاربات المتباینة للموضوع الواحد إلى تعدد معاییر
صحة النظریات العلمیة وكذا تباین مواقف العلماء والابستمولوجیین، فما ھي أھم ھذه
المعاییر؟ وماھي أھم الإختلافات الموجودة بینھا؟
یرى عالم المناظر الحسن بن الھیثم، أن للنقد وظیفة أساسیة لبناء المعرفة العلمیة،
مؤكدا على أنھ ینبغي على كل ناظر في كتب العلماء أن یموقع نفسھ كخصم لكل ما ینظر
فیھ، فلا یتحامل علیھ ولا یتسامح معھ.
بالإضافة إلى ھذا، یوضح دوھایم أن معیار صدق وصلاحیة النظریة العلمیة یتطلب
وجود توافق بین الأحكام والقوانین التجریبیة، إذ إن "الإتفاق مع التجربة ھو الذي یشكل
بالنسبة للنظریة الفیزیائیة المعیار الوحید للحقیقة"، غیر أن ھذا التحقق التجریبي من
وجھة نظر توییلي، لایعطي دلائل قاطعة، مؤكدا على ضرورة تنویع الاختبارات التجریبیة،
والمقارنة بینھا، لأن تأكیدات التجربة تكون جزئیة ومعرضة دائما للمراجعة، ومن ثم
فالإختبارات المتعددة ضروریة لإخراج النظریة من عزلتھا وربطھا بنظریات أخرى.
غیر أن التجربة بالمعنى الكلاسیكي، لم تعد تمثل منبع النظریة، ولم تعد قیمة النسق
تستند على التطابق الحاصل بین معطیات التجربة و نتائج النظریة. فكیف یمكننا القول
بعلمیة النظریة الفیزیائیة؟
جوابا على ھذا السؤال یرى إینشتاین، أن البناء الریاضي الخاص ھو الذي یمكننا من
إكتشاف المفاھیم والقوانین، فالمبدأ الخلاق حسب ھذا العالم، یوجد في الریاضیات، أما
كارل بوبر فیرى أن معیار صحة النظریات العلمیة، ھو القابلیة للتكذیب، ھذه الأخیرة ھي
التي تمیز بین النظریة التجریبیة والنظریة اللاتجریبیة، فما دمنا لا نستطیع وصف كیف
یأتي التنفیذ لنظریة ما، فإنھا تعد خارج مجال العلم التجریبي، لكنھا تظل غیر فارغة من
المعنى أو كاذبة، لأن معیار القابلیة للتكذیب یمكن أن نطلق علیھ القابلیة كإختبار آلة
لتبیان العیب فیھا، ومن ثم فالنظریة التي لا عیب فیھا تبقى نظریة غیر قابلة للاختبار.
ھذه القابلیة تمر بخطوات أساسیة یحددھا بوبر في ما یلي:
-1 إتساق النتائج وتماسكھا.
-2 صورنتھا منطقیا لیتبین ھل ھي علمیة أم تیولوجیة.
-3 مقارنة النظریة قید البحث مع نظریات أخرى ومعرفة ھل حققت الأولى تقدما
بالمقارنة مع النظریات الأخرى.
-4 القیام بتطبیقات تجریبیة على بعض النتائج المستخلصة من تلك النظریات، ھذا
الإجراء الأخیر ھو إجراء إستنباطي.
نستخلص من ھذه المواقف والأطروحات، أن أي نظریة علمیة ھي حوار دائم بین
البناء الریاضي ومعطیات التجربة، لكن ھذا الحوار لا یحسم في تركیب بشكل نھائي،
فعلاقة النظریة بالتجربة علاقة متحركة متغیرة، والعلم المعاصر لا ینظر للعقل البشري
باعتباره إناء أو وعاء یشتمل على مضامین أو أفكار أولیة ( أرسطو، دیكارت،لایبنیتز) أو
باعتباره مشكلا من مقولات محددة (كانط)، بل باعتباره نشاط وفعالیة، ولعل ھذا ما یجعل
من الصعوبة - كما عبر باشلار- على أي إیبستیمولوجیا أن "تصف بنیة نھائیة للفكر[/fo
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى