درس الغير ...
الثلاثاء أبريل 15, 2014 12:49 pm
الغیر
مقدمة:
إن مفھوم الغیر اتخذ في التمثل الشائع معنى تنحصر دلالتھ في الآخر المتمیز عن الأنا الفردیة أو
الجماعیة (النحن). ولعل أسباب ھذا التمیز إما مادیة جسمیة، وإما إثنیة (عرقیة) أو حضاریة، أو
فروقا اجتماعیة أو طبقیة . ومن ھذا المنطلق، ندرك أن مفھوم الغیر في الاصطلاح الشائع یتحدد
بالسلب، لأنھ یشیر إلى ذلك الغیر الذي یختلف عن الأنا ویتمیز عنھا، ومن ثمة یمكن أن تتخذ منھ
الذات مواقف، بعضھا إیجابي كالتآخي، والصداقة وما إلى ذلك، وأخرى سلبیة كاللامبالاة، والعداء...
وھكذا، یتضح أن معنى الغیر والآخر واحد في التمثل الشائع.
لكن كیف نستدل على وجود الغیر باعتباره وجودا خارج الذات،بالرغم من أنھ وجود مختلف عن
باقي الموضوعات الأخرى التي تشكل العالم الخارجي؟
المحور الأول: وجود الغیر.
لقد كان دیكارت أول فیلسوف حاول إقامة مفارقة بین الأنا الفردیة الواعیة وبین الغیر ؛ حیث أراد
دیكارت لنفسھ أن یعیش عزلة إبستیمیة، رافضا كل استعانة بالغیر في أثناء عملیة الشك. فرفض
الموروث من المعارف، واعتمد على إمكاناتھ الذاتیة، لأنھ یرید أن یصل إلى ذلك الیقین العقلي الذي
یتصف بالبداھة والوضوح والتمیز... فوجود الغیر في إدراك الحقیقة لیس وجودا ضروریا، ومن ثمة
یمكن أن نقول : إن تجربة الشك التي عاشھا دیكارت تمت من خلال إقصاء الغیر... والاعتراف
بالغیر لا یأتي إلا من خلال قوة الحكم العقلي حیث یكون وجود الغیر وجودا استدلالیا.
وقد تجاوز ھیجل ھذا الشعور السلبي بوجود الغیر، لأنھ رأى أن الذات حینما تنغمس في الحیاة لا
یكون وعیھا وعیا للذات، وإنما نظرة إلى الذات باعتبارھا عضویة. فوعي الذات لنفسھا في اعتقاد
ھیجل یكون من خلال اعتراف الغیر بھا. وھذه عملیة مزدوجة یقوم بھا الغیر كما تقوم بھا الذات.
واعتراف أحد الطرفین بالآخر لابد أن ینتزع. ھكذا تدخل الأنا في صراع حتى الموت مع الغیر،
وتستمر العلاقة بینھما في إطار جدلیة العبد والسید. ھكذا یكون وجود الغیر بالنسبة إلى الذات
وجودا ضروریا.
أما سارتر فیرى الغیر ما ھو إلا أنا آخر،أي كأنا مماثل لأناي،إلا أنھ مستقل عنھ.لكن وجود الغیر ھو
كذلك نفي لأناي،من حیث ھو مركز للعالم.ویترتب على وجود الغیر ھذا نتائج ھامة وحاسمة لا على
مستوى أناي فحسب،بل على مستوى علاقتي مع العالم الخارجي.
إن ما سبق یظھر التناقض الحاصل بین التمثلین الدیكارتي والھیجلي ؛ ففي الوقت الذي یقصي فیھ
دیكارت وجود الغیر، یعتبره ھیجل وجودا ضروریا. وھذا یتولد عنھ السؤال التالي : ھل معرفة الغیر
ممكنة ؟ وكیف تتم معرفتھ؟
المحور الثاني: معرفة الغیر.
إن معرفة الغیر تمثل بحق علاقة " إبستیمیة " بین طرفین، أحدھما یمثل الأنا العارفة والآخر یمثل
موضوع المعرفة. الشيء الذي یدفعنا إلى طرح التساؤل التالي : ھل نعرف الغیر بوصفھ ذاتا أم
موضوعا ؟ بمعنى آخر،ھل معرفة الغیر ممكنة أم مستحیلة؟
یطرح سارتر العلاقة المعرفیة بین الأنا والغیر في إطار فینومینولوجي (ظاھراتي) فالغیر في اعتقاده
ھو ذلك الذي لیس ھو أنا، ولست أنا ھو ". وفي حالة وجود علاقة عدمیة بین الأنا والغیر، فإنھ لا
یمكنھ " أن یؤثر في كینونتي بكینونتھ "، وفي ھذه الحالة ستكون معرفة الغیر غیر ممكنة. لكن
بمجرد الدخول في علاقة معرفیة مع الغیر معناه تحویلھ إلى موضوع (أي تشییئھ) : أي أننا ننظر
إلیھ كشيء خارج عن دواتنا ونسلب منھ جمیع معاني الوعي والحریة والإرادة والمسؤولیة. وھذه
العلاقة متبادلة بین الأنا والغیر : فحین أدخل في مجال إدراك الآخر، فإن نظرتھ إلي تقیدني وتحد من
حریتي وتلقائیتي، لأنني أنظر إلى نفسي نظرة الآخر إلي ؛ إن نظرة الغیر إلي تشیئني، كما تشیئھ
نظرتي إلیھ. ھكذا تبدو كینونة الغیر متعالیة عن مجال إدراكنا ما دامت معرفتنا للغیر معرفة
انطباعیة حسیة.
لكن میرلوبونتي، لھ موقف آخر إذ یرى أن نظرة الغیر لا تحولني إلى موضوع، كما لا تحولھ نظرتي
إلى موضوع " ؛ إلا في حالة واحدة وھي أن ینغلق كل واحد في ذاتھ وتأملاتھ الفردیة. مع العلم أن
ھذا الحاجز یمكن تكسیره بالتواصل، فبمجرد أن تدخل الذات في التواصل مع الغیر حتى تكف ذات
الغیر عن التعالي عن الأنا، ویزول بذلك العائق الذي یعطي للغیر صورة عالم یستعصي بلوغھ.
أما دولوز فیرى أن الغیر لیس ھو ذلك الموضوع المرئي، ولیس ذلك الشخص الآخر. إن الغیر بنیة
الحقل الإدراكي، كما أنھ نظام من التفاعلات بین الأفراد كأغیار. فحین تدرك الذات شیئا ما، فإنھا لا
تستطیع أن تحیط بھ في كلیتھ إلا من خلال الآخرین ؛ فالغیر ھو الذي یتمم إدراكي للأشیاء، وھو
الذي " یجسد [مثلا] إمكانیة عالم مفزع عندما لا أكون بعد مفزوعا، وعلى العكس إمكانیة عالم
مطمئن عندما أكون قد أفزعت حقیقة ". إن الغیر إذن بنیة مطلقة تتجلى في الممكن الإدراكي وھي
تعبیر عن عالم ممكن، ومعرفة الغیر یجب أن تكون معرفة بنیویة.
لا یمكن اختزال العلاقة مع الغیر في علاقة إبستیمیة /أو معرفیة/ من أي نوع. إن العلاقة مع الغیر
یمكن أن تكون علاقة أكسیولوجیة قیمیة تحكمھا ضوابط أخلاقیة كالأنانیة، والغیریة، والظلم،
والتسامح ...الخ. وھذا ما یضطرنا إلى الوقوف عند نموذجین للعلاقة مع الغیر ھما : الصداقة
والغرابة.
المحور الثالث:العلاقة مع الغیر.
ھل العلاقة مع الغیر ھي علاقة تكامل أم تنافرظ
تتنوع العلاقة مع الغیر وتختلف، فھي إما أن تكون علاقة اختلاف وعداوة أو علاقة صراع...وعلى
أساس ھذه العلاقة الشائكة مع الغیر، یمكن أن تتفرع أنواع أخرى من العلاقات، مثل علاقة الإقصاء
وعلاقة القبول وعلاقة التسامح والتعاطف و..و..و...
وفي ھذا السیاق یرى كانط أن علاقة الصداقة ھي أسمى وأنبل العلاقات الإنسانیة،لأنھا قائمة على
الاحترام المتبادل.وأساسھا الإرادة الأخلاقیة الخیرة.فالصداقة باعتبارھا واجبا أخلاقیا، تشترط وجود
المساواة وعلاقة التكافؤ، وھي أیضا نقطة تماس بین الحب والاحترام.وھذا ما یمنح الإنسان توازنھ
وعدم الإفراط سواء في الاحترام أو الحب.
أما أفلاطون فیعتبر أن علاقة الصداقة تنبثق من الحالة الوجودیة الوسط التي تطبعوجود الإنسان،
وھي حالة وسط بین الكمال المطلق والنقص المطلق تدفع الإنسان إلىالبحث الدائم عما یكملھ في
علاقتھ مع الآخرین... فالكمال الأقصى یجعل الإنسان فيحالة اكتفاء ذاتي لا یحتاج فیھا إلى الغیر،
وفي حالة النقص المطلق تنعدم لدیھالرغبة في طلب الكمال والخیر. من ھنا تقوم الصداقة كعلاقة
محبة متبادلة یبحث فیھاالأنا عما یكملھ في الغیر، یتصف فیھا كل طرف بقدر كاف من الخیر أو
الكمال یدفعھ إلى طلب كمال أسمى، وبقدر من النقص الذي لا یحول دون طلب الكمال.
لكن أرسطو یرى أن الصداقة كتجربة معیشیة وواقعیة لا تقوم على الحب بمعناه الأفلاطوني فقط,
بل توجدثلاثة أنواع من الصداقة تختلف من حیث طبیعتھا وقیمتھا. فالنمطان الأولان(المنفعة/
المتعة) متغیران نسبیان یوجدان بوجود المنفعة والمتعة ویزولان بزوالھما ,ومن ثم فھما لا
یستحقان اسم الصداقة إلا مجازا. والنمط الثالث(الفضیلة) یمثلالصداقة الحقة لأنھ یقوم على قیمة
الخیر والجمال لذاتھ أولا ثم للأصدقاء ثانیا. وفيإطار صداقة الفضیلة تتحقق المنفعة والمتعة لیس
كغایتین بل كنتیجتین. غیر أن ھذاالنمط من الصداقة نادر الوجود. ولو أمكن قیامھ بین الناس جمیعا
لما احتاجوا إلىالعدالة والقوانین.
غیر أن ھیجل یؤسس للعلاقة بین الذات والغیر،انطلاقا من الجدل القائم على ثنائیة العبد والسید.فكل
وعي في نظره یدخل حتما في علاقة معینة مع وعي آخر،یبحث من خلالھا عن الاعتراف بسیادة
وعیھ.إلا أن ھذا الاعتراف عندما یتم،بعد انتھاء الصراع بین النوعین یفقد معناه لأنھ صادر عن
وعي العبد.الأمر الذي یستدعي وعي السید إلى البحث عن صراع جدید واعتراف جدید.
خلا صة تركیبیة:
إن التفكیر في مفھوم الغیریكشف عن إشكالیة فلسفیة متعددة الأبعاد نظرا لطبیعة العلاقة المركبة
بین الأناوالغیر.
فعلى المستوى الوجودي یتحدد وجود الغیر كضرورة لوجود الأنا حسبالتصور الجدلي (ھیجل) في
مقابل التصور الذاتي الذي یتم فیھ استغناء الأنا عن وجودالغیر (دیكارت).
وعلى المستوى المعرفي تفتح علاقة الأنا بالغیر على عدة زوایامن النظر انعكست في الخطابات
التي تتحدد فیھا ھذه العلاقة كعلاقة تشییئیة(سارتر) أو كعلاقة مشاركة وجدانیة (میرلو بونتي)
تجعلان معرفة الغیر تطرح معضلات لاحل لھا... وذلك في مقابل تصورات أخرى تسعى إلى تجاوز
ھذه الصعوبات من خلال إضفاءطابع كلي (شیلر) أو بنیوي (دولوز) على الغیر.
وعلى مستوى العلاقة الأخلاقیةالوجدانیة، یلاحظ أن التواصل مع الغیر قد یتخذ أشكالا مختلفة كما
یتجلى ذلك فيسیادة نظرة الھیمنة والإقصاء قدیما في مقابل النظرة الفلسفیة المعاصرة التي
تحاولتأسیس ھذه العلاقة على الحوار والاختلاف أو التكامل والمغایرة.
---------------------------------------
تقدیم اخر
ینتمي مفھوم الغیر إلى مجال الوضع البشري و العلاقات البشریة بمختلف أبعادھا الأنطولوجیة (
الوجودیة ) و الفكریة و الوجدانیة مما یبرز طبیعتھ الإشكالیة . حیث تنشأ ھاتھ الإشكالیة انطلاقا
من كونھ ذاتا ( تشبھني و تختلف عني، و من كونھ ضروریا لوجودي بصفتي وعیا .) یختلف عني و
لكنھ یلتقي معي في ھذا الاختلاف بالذات ما دمت أن بدوري أختلف عنھ فأنا أشبھھ في اختلافي .
و بھذا المعنى فنحن نتشابھ و نختلف عن بعضنا البعض في نفس الوقت ، و على ھذا
النحو فإن علاقتي بالغیر علاقة معقدة و ملتبسة تحمل دلالات عدیدة ،حیث یضعنا المعنى
الدلالي للغیر أمام مجموعة من المفاھیم مثل ( المستثنى ، المختلف ، المتمیز، المتقابل ،
المتحول ، المباین ، المنفي ، المتعدد ، القریب، الغریب .)
ھذا و تتفق معاجم الفلسفة ،خصوصا لالاند و بول فولكیي على أن للآخر معان متباینة ،
فلالاند یقول في معجمھ الفلسفي : " الآخر ھو أحد المفاھیم الأساسیة للفكر، و من تم یستحیل
تعریفھ بتقابل مع الھوھو و یعبر عنھ بالمتنوع و المختلف و المتمیز."
و Alter و فولكیي في معجم اللغة الفلسفیة یقول : " الآخر مستنبط من الجذر اللاتیني
و ھو مفھوم أساسي یمكن أن نعطیھ معاني Alteruisme و الغیریة Alterité منھ
، Le divers المتنوع ، Le distinct المتمیز Le different مختلفة منھا المختلف
" . Le separé المنفصل
1831 ) نوعا من التأسیس - كما یبرز الفیلسوف الألماني فریدریك ھیجل ( 1770
الفلسفي لطبیعة العلاقة بین الأنا و الآخر . فلیس الوعي بالذات ھو معرفة الأنا لذاتھ ، بل ھو
التعرف على ذاتھ في موضوع غریب عنھ . فكل ذات ترغب في أن یعترف بوجودھا من طرف
ذات أخرى تواجھھا ، و السعي الحقیقي للوعي بالذات و أن یجد ذاتھ في الآخر . أي أن الآخر
لا یتجلى في الذات و لا یتم الاعتراف بوجوده كمغایرة إلا من خلال فكرة صراع الذوات .
واضح إذن ، أن تحدید مفھوم الغیر یتم في ارتباط مع مفھوم الأنا . فالغیر ھو غیر "الأنا
" إذ أن ھذا التداخل قد یصل إلى مستوى أن كلا منھما یحایث الأخر و یباطنھ على اعتبار أن
الأنا یشكل عنصرا صمیمیا لتحدید مفھوم " الغیر " ، فأنا أتعرف على ذاتي و أقدر قیمتھا
انطلاقا من الغیر . بحیث أن علاقتي بذاتي تمر عبر علاقتي بھ، سواء أكان قریبا ( من نفس
العائلة أو من نفس البلد ) أو بعیدا عني ثقافیا و حضاریا و لا یستطیع أي أحد منا أن یتخلص
من الآخر .
إن تنوع الدلالات و اختلافھا ، یضفي طابعا إشكالیا على موضوعات الغیر، و یولد عدة
تساؤلات منھا : ما طبیعة العلاقة الوجودیة التي یمثلھا الغیر بالنسبة للأنا ؟ و إذا كان الغیر
موجودا ، فھل ھناك من إمكانیة لمعرفتھ ؟ و ما الرھانات التي تنشأ عن علاقة الأنا بالغیر ؟
المحور الأول : وجود الغیر
إن التفكیر في العلاقة الوجودیة مع الغیر ھو تفكیر فلسفي حدیث ، قائم على أساس و عي
الذات لطبیعة العلاقة مع الآخر و ھاتھ العلاقة التي كانت نتیجة وعي الإنسان بالآخر، حیث
أنھ لا وجود لأنا أو وعي على ھامش العالم معزولا عنھ على اعتبار أن الآخر ھو ضرورة
أنطولوجیة و معرفیة و وجدانیة .
لكن إذا كان وجود الغیر ضروري لكي یتحقق وعي الذات بذاتھا ، فما طبیعة الوجود الذي
یتمتع بھ الغیر بالنسبة للأنا ؟ و ھل یمكن الاستغناء عن الغیر بوصفھ تھدیدا للأنا ؟ أم أن
وجوده ضروري بالنسبة للأنا ؟
1976 ) تصوره حول مسألة وجود الغیر - یقدم الفیلسوف الألماني مارتن ھایدجر ( 1889
و معنى الوجود الإنساني في العالم باعتبار أن حضور الغیر في علاقتھ بالأنا ھو إفراغ للذات
من خصوصیتھا و كینونتھا الفردیة التي تمیزھا عن ذات أخرى و تذیب كل
الاختلافات و التمایزات التي تفقد الشخص ھویتھ التي تمیزه في الحیاة الیومیة المشتركة مع
الناس .
فوجود الغیر في علاقتھ بالأنا ھو تھدید لھذا الموجود الذي یفقد الذات خصوصیاتھا فتتیھ
في عالم أشبھ بتوأم مشابھ لطبیعتھا .
1980 ) في كتابھ - و یعكس موقف الفیلسوف الفرنسي جون بول سارتر ( 1905
"الوجود و العدم" من مسألة وجود الغیر بالنسبة للأنا انطلاقا من التصور الوجودي للغیر الذي
یتمثل في كون ھذا الوجود یجعل الأنا أمام مفارقة مزدوجة على اعتبار أن ھذا الوجود بالنسبة
للأنا ھو وجود سلبي یحد من حریة الأنا و یشل إمكاناتھا الذاتیة من خلال نظرة الغیر إلیھا
التي تشیئھا و تسلبھا حریتھا و تولد فیھا الخجل كشعور غیر مباشر و كعلاقة باطنیة بین الأنا
و ذاتھ باعتبار الغیر ھو الوسیط بینھما.
و في نفس الوقت ، فإن وجود الغیر بالنسبة للأنا ھو شرط ضروري لإدراك الأنا كوعي و
تحقیق الوعي بالذات الذي یمر عبر الآخر باعتباره حریة .
1859 ) على ضرورة حضور - ھذا ویؤكد الفیلسوف الألماني ادموند ھوسرل( 1838
الغیر انطلاقا من فكرة "القصدیة" التي تقوم على نقیض ما تم بناؤه في الفلسفة الحدیثة أي
في اعتبار أن الذات المفكرة ھي التي تجعل الإنسان یعي ذاتھ بمعزل عن العالم الخارجي و عن
الآخر. لكن ،ھاتھ العزلة سرعان ما ستضمحل بعد بروز فكرة القصدیة : " عندما أفكر فأنا
أفكر في شيء ما " أي من خلال وعي الذات بشيء ما . غیر أن ھذا الوعي بوجود الغیر ھو
وجود مزدوج ،ذلك أن إدراك الآخر یكون باعتباره موضوعا للعالم لا بوصفھ شیئا من الأشیاء
الطبیعیة . و كدا حضور الغیر كذات تدرك العالم من خلال تجربتھا في العالم المعیش و تجربة
الآخرین یجعل من فعل الوجود ضرورة مشروطة و خاصة لكل واحد منا .
1961 ) على بلورة – كما یذھب الفیلسوف الفرنسي موریس میرلوبونتي ( 1908
التصور الفینومولوجي لوجود الغیر و الذي یتمثل في كون ھذا الوجود ھو وجود مستقل و
وعي لذاتھ و لا یمكن اعتباره موضوعا أو شیئا كباقي الأشیاء الطبیعیة الأخرى .
فوجود الغیر وجود مزدوج ، فھو وجود في ذاتھ من حیث كونھ كجسد و كموضوع للعلوم .
و في نفس الوقت فھو وجود لذاتھ أي كوعي خالص یواجھھ الأنا . و لھذا لا بد من عملیة
متناقضة من أجل إدراك الغیر إذ لا یتحقق الوجود الإنساني الفردي ( الأنا ) و الجماعي (ھم )
إلا بحضور مادي أو رمزي لذوات إنسانیة تنشأ بینھا علاقات مركبة و متداخلة .
– 1995 ) و فیلكس غثاري ( 1930 - و یدعو كل من الفیلسوف جیل دولوز ( 1925
1992 ) حول مسألة وجود الغیر إلى تجاوز التصور الكلاسیكي الذي تبلور مع الفیلسوف
الفرنسي رونیھ دیكارت و الذي یرجع الماھیة الإنسانیة إلى الذات المفكرة باعتبار
التفكیر دلیل على وجودھا .و ھذا التفكیر في الذات یمكن الإنسان من الوعي بوجوده بمعزل
عن العالم الخارجي و عن الآخر.لیتجاوز كل من الفیلسوفین ھذا الموقف من خلال اعتبار أن
وجود الغیر بالنسبة للأنا لا یشكل أنا آخر من حیث ھو مخالف لطبیعة الأنا، و إنما بوصفھ
عالما ممكنا لا یظھر من خلالھ الغیر كذات أو كموضوع و إنما یظھر بوصفھ عالما لم یتحقق
في بعده الواقعي .
لكن رغم ذلك فھو عالم معبر عنھ من خلال لغة معبر عنھا تمنح صفة الوجود لھذا العالم
الممكن لینفتح أمام الذات و ینكشف ھذا الآخر للأنا و ذلك بالتعبیر عنھ بلغة واقعیة تجسد
حقیقة ھذا الآخر و تجعل من عالمھ الممكن عالما قائم الذات .
و على ضوء ھاتھ المواقف نخلص إلى أن مسألة وجود الغیر بالنسبة للأنا ھي مسألة لا
تنحصر في علاقة شیئیة بین ذات و موضوع و إنما ھي علاقة تسعى إلى فھم الذات لذاتھا ، و
لھذا فإن معرفة الذات لذاتھا تمر عبر معرفة الآخر. لكن، السؤال الذي یطرح ھنا ھو : ھل
الغیر قابل للمعرفة ؟
المحور الثاني : معرفة الغیر
تطرح معرفة الغیر إشكالیة تتمثل في ثنائیة الذات و الغیر ، ھذه الثنائیة تشكل علاقة "
ابستیمیة "بین طرفین، أحدھما یمثل الذات العارفة و الآخر یمثل موضوع المعرفة ، و ھذه
الثنائیة تضفي طابعا إشكالیا على الموضوع من خلال أنھ إذا كان الغیر موجودا ، فھل ھناك
إمكانیة لمعرفتھ ؟ و إذا كانت معرفتھ ممكنة ،فھل تتم معھ بصفتھ ذاتا واعیة و حرة ؟ أم
یتحول إلى موضوع خارجي أو شيء من الأشیاء ؟ و ھل یمكن الاستغناء عن الغیر و العیش
في عزلة مطلقة ؟
یقدم الفیلسوف الفرنسي جون بول سارتر تصوره حول العلاقة بین الأنا و الآخر كما
تتجلى في مختلف مظاھر الحیاة المعیشة ( النظرة،الحب...) على أنھا علاقة صراع تدور حول
الموضعة، و تتجلى خاصیة الصراع في أنني أحاول أن أدرك الآخر كموضوع أشیئھ و أفقده
بالتالي إمكاناتھ و حریاتھ . و حین أنظر إلیھ كذات یشیئني و یفقدني حریتي .
و یظھر الوصف الذي قام بھ سارتر بمختلف مظاھر الحیاة المعیشة ، أنني أعجز عن
النظر إلى الآخر كذات و كموضوع في نفس الوقت . و بالتالي یظھر أن الوضعیة التي أعترف
فیھا بحریة الآخر ھي وضعیة مستحیلة على اعتبار أن وعي الآخر كوعي حر ھو وعي یوجد
خارج قدراتي المعرفیة و یحمل تناقضا و استحالة.
و على العكس من ذلك یذھب الفیلسوف الفرنسي موریس میرلوبونتي إلى أنھ لا یجب أن
ننظر إلى علاقة الأنا بالآخر و كأنھا تتلخص في صراع حول الموضعة . بل یجب أن ننظر إلیھا
على أنھا علاقة تواصل الشيء الذي ینفي العلاقة المعرفیة الموضوعیة التشیئیة التي ھي
نتیجة للنظر من موقع الأنا أفكر أو العقل في نشاطھ القائم على التجرید و التقییم ... و ھذه
الوضعیة یمكن تجاوزھا عندما یدخل الأنا و الغیر في علاقة اعتراف متبادل كل منھما في
فردیتھ و وعیھ و حریتھ ، و یحضر التواصل حتى في حالة اللاتواصل لأن غیاب التواصل ھو
تواصل ممكن .
و یعتبر الفیلسوف الألماني ادموند ھوسرل أن ھناك إمكانیة لمعرفة الغیر ، بحیث ترتبط
الذات بالغیر من خلال المجال المشترك الذي یسمى العالم . و ھذا العالم توجد فیھ الذات كما
یوجد فیھ الغیر ، فإدراك الذات لھذا العالم ھو إدراك لھذا الغیر الذي یوجد فیھ . و ما دام العالم
یتشكل من ھذه الذوات و یتأسس علیھا ،فإن إدراكي لھا لیس إدراكا معزولا ناتجا عن نشاط
فكري أو ذاتي تكون الذات في غنى عما یمكن أن یقدمھ الغیر من تصورات . فتصور العالم ھو
تركیب لمجموع التصورات ، و تفاعل الذوات فیما بینھا . كما لا یمكن أن نتحدث عن عزلة
فكریة و عن عدم القدرة على معرفة الغیر ما دمنا نساھم في إنتاج العالم و تشكیل معالمھ ، و
یظھر الغیر في العالم و كأن لھ القدرة على التحكم في تصرفاتھ و انفعالاتھ ، بمعنى أن ھناك
علاقة بین ما ھو نفسي و ما ھو جسمي ، فالنفسي لھ القدرة على التحكم في الجسم و ضبطھ
لھذا الجسم الذي یخرج ما ھو نفسي إلى الوجود و الظھور لا یكون مرتبطا بالذات أو الغیر،
بل یكون مرتبطا بالعالم و یمكن من معرفة ھذا الغیر و فھم القصد من تصرفاتھ و أفعالھ ، و
ھذا ما تفسره تجربة " النحن " القائمة على مفھوم " البینذاتیة " .
1715 ) صعوبة - لكن ، ھذه المعرفة تطرح مع الفیلسوف الفرنسي مالبرانش ( 1638
معرفة الغیر على اعتبار أنھا تخمین أو ضرب من الظن یوھمنا بأننا نستطیع الوقوف على
حقیقة الغیر و معرفتھ ، ھذه المعرفة التخمینیة یمكن إدراجھا في مسألة الإمكان ، و بذلك
تكون لدینا عدة خیارات و إمكانات لمعرفة الغیر . و لا یمكن تصنیف ھذا الغیر ضمن إمكانیة
واحدة و إقصاء الأخرى ، و إلا ستكون معرفة الغیر حقیقیة و ضروریة. و ھذه الإمكانات قد
یندرج ضمنھا الغیر و قد یخرج عنھا ، و دخولھ تحتھا أو خروجھ عنھا یدخل ضمن ھذا
التخمین. و لذلك تبقى الوسیلة الوحیدة لمعرفة الغیر ھي إخضاعھ لمقتضى الذات و ما
تعرفھ ھي عن ذاتھا. و بالتالي " فأنا أطلق الحكم بأن الآخرین یشبھونني " لكن، عندما "
یحدث في جسمي انفعال من الانفعالات فأنا أخطئ دائما إذا ما حكمت على الآخرین من خلال
ذاتي " . لذلك فكل تقییم أو تصنیف للغیر یكون منطلقھ الذات یكون معرضا للخطأ ومن تم
القصور و عدم خضوع الغیر للمعرفة الذاتیة دلیل على أنھ یرفض القیود و الاكتشاف ، لأنھ
كائن مجھول یتستر وراء حجاب خاص ھو الأنا الذي نجھلھ و یجھلھ كل واحد منا .
1960 ) أن الذات تشكل عالما - و یرى الفیلسوف الفرنسي غاستون بیرجي ( 1859
فریدا من نوعھ في استقلال و انفصال عن الغیر،إذ لا یمكن سبر أحدھما أغوار الآخر رغم
حضورھما معا . و ھذا الحضور لا یكون إلا للجسد أو للجسم . لكن ، عقلي و تفكیري غائب
عن ھذا الحضور، یتوارى وراء حجب اللانكشاف و اللاظھور. فكل ما تمر بھ الذات لا یمكن
للغیر أن یشاركني فیھ بنفس الدرجة و المقدار، إلا أنھ قادر على الإحساس و التعاطف ،
بمعنى أن ھناك انغلاق الذات على ذاتھا مما یجعل معرفة الأنا للغیر و معرفة الغیر للأنا
مستحیلة بفضل ھذه الحواجز و العوائق التي تنصبھا الذات أمام الغیر تجعلھا ذاتا مبھمة
تستعصي على المعرفة و الإدراك،و لأنھا تنفلت من كل تحدید و تصنیف تجد نفسھا طلیقة
القیود لا تخضع إلى أي قابلیة للموضعة .
على ضوء المواقف السالفة الذكر یمكن استخلاص أنھ من الممكن تجاوز ھذه المفارقات
التي تطرحھا معرفة الغیر بسبب حمولتھا المیتافیزیقیة ( ثنائیة الذات و الموضوع ) و ذلك
بالنظر إلى الغیر ككلیة و وحدة لا تقبل التجزئة و الانشطار ، أي النظر إلیھ كبنیة .
و من ھذا المنظور لم یعد الغیر شخصا ، أو فردا معینا ، بل ھو نسق أو نظام یحكم
العلاقات و التفاعلات بین الأشخاص و الأفراد ، لكن على أي أساس تنبني علاقة الأنا بالغیر ؟
المحور الثالث : علاقة الأنا بالغیر
لا شك أن علاقة الأنا بالغیر أغنى و أعقد من أن تختزل إلى علاقة معرفة. فھي في الواقع
الفعلي علاقة مركبة تختلف و تتنوع تبعا لأوجھ الغیر كما یتجلى ذلك في الكلمات التي تنضوي
تحت لواء العلاقة بالآخر، مثل : الصداقة ، الغرابة ، الصراع ، الإیثار ، الاشتراك
....
من ھنا تنبثق الإشكالیة الفلسفیة لعلاقة الأنا بالغیر، و ھي إشكالیة یمكن صیاغتھا من
خلال الأسئلة التالیة: ما طبیعة العلاقة التي تربطني بالغیر ؟ ھل ھي علاقة محبة و احترام،أم
علاقة نبذ و إقصاء ؟ و ما ھي الشروط التي یمكن أن تجعل ھذا النوع من العلاقة ممكنا ؟ و
علي أي أساس تنبني ھذه العلاقة ؟
322 ق.م) أن ماھیة العلاقة التي تربط الإنسان بالآخرین ھي – یعتبر أرسطو ( 384
الصداقة على اعتبار أن ھذه الأخیرة " ضرب من الفضیلة أو على الأقل إنھا دائما محفوفة
بالفضیلة " . و علاوة على أن الصداقة جمیلة و شریفة فھي إحدى الحاجات الضروریة للحیاة
، إذ لا أحد یقبل أن یعیش بدون أصدقاء.
و یذھب الفیلسوف إلى القول :" بأن الصداقة ھي رابطة الممالك و أن المشرعین
یشتغلون بھا أكثر من اشتغالھم بالعدل نفسھ " ، و نفھم من ھذه القولة أن تحقیق الانسجام و
التوافق داخل المجتمع شبیھ بالصداقة. بل إن قیام الصداقة الحقة ( صداقة الفضیلة ) بین
الناس تجعلھم في غنى عن العدالة و القوانین .
1804 ) فیعرف الصداقة بالقول :" الصداقة في صورتھا – أما ایمانویل كانط ( 1724
المثلى ھي اتحاد بین شخصین یتبادلان نفس مشاعر الحب و الاحترام " . بھذا المعنى تكون
الصداقة عبارة عن مثال للتعاطف و التواصل بین الأنا و الغیر ، إلا أن قبو ل ھذا المثال لا
یضمن سعادة الإنسان ، و إنما یؤھلھ للبحث عن السعادة ما دامت الصداقة تمثل واجبا عقلیا
یجب الخضوع لھ بكل احترام .
و غایة الصداقة في نھایة المطاف ھي تحقیق خیر الصدیقین اللذین جمعت بینھما إرادة
أخلاقیة طیبة بشرط أن تقوم ھذه الصداقة على أساس أخلاقي خالص . لكن ،ھل بإمكان قیام
المجتمع على الصداقة في وجود الغیر البعید أو الغریب ؟
غالبا ما تلجأ الجماعة إلى تدمیر الغریب عنھا ، أو إلى إقصائھ و تھمیشھ كونھ یھدد
تماسكھا و وحدتھا، ومن ھنا كانت ضرورة القضاء علیھ لاستعادة توازنھا و استقرارھا .
بید أن وحدة الجماعة في نظر جولیا كریستیفا ( 1941 - ...) لیست في الحقیقة سوى
مظھر عام ، عندما ندقق فیھا ینكشف لنا أن الجماعة بحكم اختلافاتھا و تناقضاتھا الداخلیة
تحمل غریبا في ذاتھا ، و بالتالي لیس المختلف عنا " ھو ذلك الدخیل المسؤول عن شرور
المدینة كلھا... و لا ذلك العدو الذي یتعین القضاء علیھ لإعادة السلم إلى الجماعة " . إن
الغریب على حد تعبیر جولیا كریستیفا " یسكننا على نحو غریب ".إذا كان الأمر كذلك فما ھو
الموقف الطبیعي الذي ینبغي أن یتخذ من الغیر البعید ؟
یرى الفیلسوف الفرنسي موریس میرلوبونتي أن الموقف الطبیعي الذي ینبغي أن یتخذ
من الآخر المخالف للذات لیس ھو موقف النبذ و الإقصاء بل مد جسور التواصل معھ و عدم
اعتباره موضوعا قابلا للإقصاء و التشیئ ، و فتح قنوات الحوار مع الغیر لا یتم إلا إذا خرج
كل من الأنا و الأنا الآخر من طبیعتھ المفكرة، و جعل نظرتا بعضھما للبعض نظرة إنسانیة
أساسھا القبول و تفھم أفعال بعضھما البعض .
1857 ) إلى اختزال كل - و یذھب مؤسس الفلسفة الوضعیة أوغست كونط ( 1798
الأخلاق الإنسانیة في فكرة واحدة ھي أن یحیا الإنسان من أجل غیره ، لأن الحیاة من أجل
الغیر تمنح الوسیلة الوحیدة لتطویر كل الوجود البشري بحریة ، انطلاقا من دوافع التعاطف
الإنساني التي تجعل كل فرد من أفراد المجتمع یتلقى مساعدة من طرف الآخرین ، مقابل كبح
میولاتھ الشخصیة و الأنانیة . و الغایة التي تنشدھا الفلسفة الوضعیة ھي تھذیب الغریزة
البشریة الكونیة و تسییجھا .
أما مارتن ھایدجر فینظر إلى علاقة الأنا بالغیر باعتبارھا علاقة اشتراك بین الذوات ، لأن
العالم الذي أوجد فیھ ھو دائما العالم الذي أتقاسمھ مع الآخرین .فالآخرین ھم بالأحرى
الكائنات التي لا تتمیز عن ذواتنا و نكون موجودین بینھا. و ھذا الاشتراك یدل على وضعیة
الإنسان في العالم من خلال تجربتھ في الحیاة ، و من خلال علاقتھ بالكائنات البشریة الأخرى .
1968 ) موقف ھیجل من – ضدا على المواقف السابقة یقدم ألكسندر كوجیف ( 1902
علاقة الذات بالآخر و التي تقوم في نظره على الصراع من أجل نیل الاعتراف و فرض الھیمنة
.بحیث یخاطر الطرفان في ھذا الصراع بحیاتھما حتى الموت ، و لكن الموت الفعلي لا یحقق
ھذا الاعتراف و إنما یحقق استسلام أحد الطرفین بتفضیلھ الحیاة على الموت. فیعترف للأنا
بالآخر دون أن یعترف الآخر بھ ، أي الاعتراف بالآخر كسید و الاعتراف بالذات كعبد لذلك
السید . و من ھنا نشأت العلاقة الإنسانیة الأولى،علاقة السید بالعبد .
و بالجملة ، كیف ما كانت علاقة الأنا بالغیر ( صداقة،غرابة،إیثار،تواصل،اشتراك بین
الذوات،صراع...) فھي تراھن على ما ھو أبعد و أشمل في الإنسان ، إنھا تراھن على وجوده
الإنساني الكوني الذي یتحول فیھ البعید إلى قریب .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى