فما ھي ظروف نشأة الحركة الوطنیة في كل من الجزائر وتونس ولیبیا وما ھي ممیزات ھذه الحركة الوطنیة في فترة ما بین
الحربین وفترة ما بعد الحرب العالمیة الثانیة:
عوامل ظھور الحركة الوطنیة بالجزائر وتونس ولیبیا : I
-1 يعتبر الاستغلال الاستعماري من أھم عوامل نشأة الحركة الوطنیة :
*كانت السلطة الفعلیة في ید الإدارة الاستعماریة سواء في تونس التي خضعت لنظام الحمایة أو الجزائر ولیبیا اللتین خضعتا
للحكم المباشر.
* توافد على البلدان الثلاثة فرنسیون وإیطالیون ومالطیون، وشكل ھؤلاء المعمرون الأوروبیون أقلیة لكنھم استحوذوا على نسبة
مھمة من الثروات الوطنیة للمستعمرات.
* في المقابل عاني الأھالي من ثقل الضرائب وأعمال السخرة وتعسفات رجال السلطة وفقد الفلاحون أراضیھم الخصبة لفائدة الأوروبیین
وعملاء الاستعمار .كما تعرض الحرفیون والتجار للإفلاس ، في ظل ھذه المعطیات تزاید سخط أغلب طبقات الشعب اتجاه
الاستعمار مما ساعد على ظھور الحركة الوطنیة .
-2 ساھمت عوامل أخرى في نشأة الحركة الوطنیة :
* خیب مؤتمر السلام العالمي بباریس ( 1919 ) آمال المستعمرات في حصولھا على الاستقلال ، لھذا أسس عبد العزیز الثعالبي
الحزب الدستوري التونسي في نفس الوقت أنشأ الأمیر خالد ( حفید الأمیر عبد القادر الجزائري ) كتلة المنتخبین المسلمین
الجزائریین.
* في سنة 1922 قام النظام الفاشي في إیطالیا الذي قرر تعزیز النفوذ الاستعماري في لیبیا متبعا أسالیب ھمجیة. لھذا فر
إدریس السنوسي إلى مصر، فظھر عمر المختار كزعیم للمقاومة المسلحة.
* كان للحرب الریفیة أثر فعال على الحركة الوطنیة في باقي بلدان المغرب العربي.
خصائص الحركات الوطنیة بكل من الجزائر وتونس ولیبیا في فترة ما بین الحربین: II
-1 تعددت تیارات الحركة الوطنیة بكل من الجزائر وتونس ولیبیا :
* تزعم فرحات عباس التیار المطالب بإدماج الجزائر في فرنسا لتحقیق التحرر السیاسي والاقتصادي غیر أن ھذه الفكرة
عارضھا بشدة زعیم الاتجاه السلفي عبد الحمید بادیس الذي أنشأ جمعیة العلماء المسلمین الجزائریین التي أكدت على التشبث
بالھویة الجزائریة والعقیدة الإسلامیة واللغة العربیة.كما أنشأ مصالي الحاج حزب نجمة شمال إفریقیا الذي طالب باستقلال بلدان
المغرب العربي ،لھذا تم حلھ من طرف الاستعمار فظھر من جدید تحت اسم حزب الشعب.
* في مطلع القرن 20 ظھرت الحركة الوطنیة التونسیة حیث أسس المحامي باشا حامبھ " تونس الفتیة" الذي طالب بالاستقلال فتم
حلھ من طرف السلطات الاستعماریة .وقام على أنقاضھ " الحزب الدستوري" الذي أسسھ عبد العزیز الثعالبي سنة 1920
.وساھمت مخلفات الأزمة الاقتصادیة العالمیة في تھیئ المناخ السیاسي الذي أفرز میلاد الحزب الدستوري الجدید بزعامة " الحبیب
بورقیبة " الذي طرح ثلاثة مبادئ ھي الوطنیة والعلمانیة واللیبرالیة.
* تزعم عمر المختار المقاومة المسلحة لمواجھة الاحتلال الإیطالي للیبیا متبعا أسلوب حرب العصابات ومتخذا منطقة برقة(وخاصة
الجبل الأخضر) قاعدة لحركتھ وتمكن من إلحاق عدة ھزائم بالجیش الإیطالي الذي كان یقوده كرازیاني قبل أن یتم اعتقالھ
. وإعدامھ شنقا سنة 1931
-2 تطور الحركة الوطنیة في الجزائر وتونس من خلال برامجھا السیاسیة :
* تقدم كل من الحزب الدستوري التونسي ( سنة 1920 ) وحزب نجمة شمال إفریقیا( سنة 1933 ) بمطالب إصلاحیة من أبرزھا:
- تأسیس برلمان وحكومة وطنیة.
- إقرار الحریات العامة وضمنھا حریة الصحافة.
-المساواة بین السكان المحلیین والمعمرین الأوروبیین.
- إجباریة التعلیم وجعلھ باللغة العربیة.
- تحسین الوضعیة المادیة للسكان المحلیین.
* في سنة 1934 تقدم الحزب الدستوري الجدید ببرنامج إصلاحات یتضمن نفس المطالب
* حدد المؤتمر الجزائري مطالبھ الإصلاحیة سنة 1937 مستغلا وصول الجبھة الشعبیة إلى الحكم في فرنسا . غیر أن السلطات
الاستعماریة رفضت كل ھذه المطالب وقامت بحل الأحزاب الجزائریة والتونسیة وباعتقال الزعماء الوطنیین.
تحول مواقف الحركة الوطنیة من الاستعمار بعد الحرب العالمیة الثانیة في كل من الجزائر وتونس ولیبیا: III
-1 أدت تطورات ما بعد الحرب إلى استقلال لیبیا:
* في الطور الأول من الحرب العالمیة الثانیة تعرضت لیبیا لغزو القوات النازیة الألمانیة . وفي الطور الثاني تم تحریرھا من طرف
القوات الإنجلیزیة التي شارك إلى جانبھا مشاركة رمزیة إدریس السنوسي .و بعد نھایة ھذه الحرب تقدمت الدول الغربیة
بمشروع تقسیم لیبیا إلى مناطق نفوذ أجنبي : انجلیزي ، فرنسي، أمریكي فقام الشعب اللیبي بثورات عارمة ، وبالتالي قررت
ھیئة الأمم المتحدة منح لیبیا الاستقلال (سنة 1951 ) حیث تأسست المملكة اللیبیة بقیادة إدریس السنوسي.
: -2 أمام تصاعد الكفاح الوطني استقلت تونس سنة 1956
*إلى جانب الظروف الدولیة المتمثلة في انھزام فرنسا أمام ألمانیا وصدور المیثاق الأطلسي وتأیید الاتحاد السوفیاتي والولایات
المتحدة الأمریكیة لمبدأ تقریر المصیر وتأسیس ھیئة الأمم المتحدة ، ساھمت عوامل داخلیة في الانتقال إلى المطالبة بالاستقلال
من أبرزھا تأسیس الاتحاد العام التونسي من طرف الزعیم النقابي فرحات حشاد وتزاید الاستغلال الاستعماري.
*في سنة 1946 أصدرت القوى السیاسیة والنقابیة التونسیة المیثاق الوطني الذي تضمن المطالبة بالاستقلال.
*أمام فشل المفاوضات بین الوطنیین التونسیین بزعامة الحبیب بورقیبة والحكومة الفرنسیة ،انطلق الكفاح المسلح الذي عرف باسم
ثورة الفلاكة والذي تمثل في العملیات الفدائیة ضد المعرین وعملائھم.
*عجلت ھزیمة الفرنسیین أمام الفیتنامیین في معركة دیان بیان في أبریل 1954 باستئناف التفاوض بین الفرنسیین والتونسیین الذي
أدى في البدایة إلى توقیع الاتفاقیة الفرنسیة التونسیة سنة 1955 التي نصت على منح تونس الحكم الذاتي .غیر أن جیش
التحریر التونسي رفض ھذا الشكل من الاستقلال وقرر متابعة الكفاح المسلح فاضطرت فرنسا إلى الاعتراف باستقلال تونس في
. 20 مارس 1956
-3 آلت الثورة الجزائرية الكبرى إلى استقلال البلاد:
* إلى جانب الظروف الدولیة المحددة سابقا ،عرفت الجزائر تطورات داخلیة من أبرزھا الأحداث الدامیة التي شھدتھا بعض المدن
. الجزائریة ( مثل اسطیف ) سنة 1945 . و تم إصدار بیان الشعب الجزائري سنة 1943
* في ظل ھذه المعطیات انتقلت الحركة الوطنیة الجزائریة إلى المطالبة بالاستقلال، لكنھا عانت من كثرة الانقسامات السیاسیة ورفض
السلطات الاستعماریة الاستجابة لمطالب الوطنیین. فكان البدیل ھو اللجوء إلى الكفاح المسلح. وھكذا اندلعت في نونبر 1954
الثورة الجزائریة الكبرى التي استغرقت ثمان سنوات والتي خلفت ملیون شھید و ألحقت خسائر بشریة ومادیة بالمصالح
الاستعماریة ، وقد تولت جبھة التحریر الوطني تنظیم العملیات الفدائیة خلال ھذه الثورة في نفس الوقت تشكلت الحكومة
الجزائریة في المنفى ( في القاھرة )
* في ظل ھذه الظروف اضطرت فرنسا إلى التفاوض مع الوطنیین الجزائریین وعقد اتفاقیة ایفیان في مارس 1962 بموجبھا نظم
استفتاء شعبي في یولیوز من نفس السنة كانت نتیجتھ لفائدة استقلال الجزائر.
خاتمة :بعد الاستقلال واجھت بلدان المغرب العربي مشاكل التخلف الاقتصادي و الاجتماعي ، بالإضافة إلى مشاكل الحدود.